עמוד:78
الضرع بيد لم يسبق لها أن حلبت فرسا من قبل ، يد خائفة من كل شيء ، يد مرتعدة ، لا تعرف ما الذي ستفعله فرس تجد نفسها تحلب كأي شاة أو بقرة . ألقت الفرس عليها نظرة تشجعها ، وبدا لنجمة أن الفرس تهز رأسها راضية تماما بما يحدث . كان الحليب نقيا مثل قمر صغير بين يديها . سارت نحو عمر ، تجاوزته للداخل . غرس سيفه في الأرض . احتضن وليده بيديه ، ومضى يتبع نجمة ، باتجاه الأمل الأخير . المفاجأة التي لم يتوقعها أحد ، أن جوع الوليد انفجر دفعة واحدة ، ففي الوقت الذي توقعوا فيه أن يزم فمه ويغلقه بإحكام ، راح يتحسس شفتيه بطرف لسانه الأزرق الصغير . كانت رائحة حليب حليمة أقوى من أن يقاوم شربه ، وحين هم عمر الزيداني بالنهوض لإحضار كمية أخرى ، امتدت يد نجمة إليه ، وضغطت على ركبته ؛ فجلس . نام الوليد أخيرا ، كانوا يحدقون في ذلك الوجه الصغير ، والعينين اللتين لم تعثرا بعد على لونهما ، كما لو أنهم يصلون . ومنذ ذلك اليوم بدأت نجمة تنظر إلى مخلوقات الله كلها بعين أخرى . عن : إبراهيم نصرالله ، " يوم بعيد وسيف مهزوم " ، قناديل ملك الجليل ، 2012
|