עמוד:147
11 على السَجادة الفارشية الممدودة على بلاط الدار ذاكرت دروشي وكتبت فروضي ، وحفظت قصائد عمرو بن كلثوم ، وزهير بن أبي شلمى ، والبابغة الذبياني ، وطرفة بن العبد . هذا البيت-المظلة ترك بصماته واضحة على شعري . وقد شافرت كثيرا بعد ذلك وابتعدت عن دمشق موظفا في السَلك الدبلوماسي نحو عشرين عاما وتعلمت لغات كثيرة أخرى ، إلا أنبي ظللت ذلك الطفل الذي يحمل في حقيبته كل ما في أحواض دمشق من نعباع ، وفل ، وورد بلدي . مدرستي الأولى 12 مدرشتي الأولى هي الكلية العلمية الوطبية في دمشق . دخلت إليها في السَابعة وخرجت في الثامبة عشرة أحمل البكلوريا الأولى . كان موقع المدرشة بمبتهى الأهمية . فقد كانت مزروعة في قلب مديبة دمشق القديمة ، حيثُ كبا نسَكن ، ومن حولها ترتفع مآذن الجامع الأموي وقبابه ، ويتألق قصر العظم برخامه ، ومرمره ، وأحواض زرعه ، وبركته الزرقاء ، وأبوابه وشقوفه الخْشبية التي تركت أصابع البجارين الدمشقيين عليها ثروة من البقوش والآيات القرآنية لم يعرف تاريخ الخْشب أروع مبها . وحول مدرشتبا كانت تلتف كالأشاور الذهبية أشواق دمشق الظليلة : شوق الحميدية وشوق الحرير وشوق البزورية . 13 كانت المدرشة على بعد خطوات من بيتبا ، وكان المرور على معمل أبي الملاصق لسَوق البزورية جزءا من خط رجوعبا اليومي ، ومباشبة لتقبيل يده ، وملء محافظبا المدرشية ، وجيوببا بما لذ وطاب من الملبس ، وراحة الحلقوم . ومع مغرب الشمس كبا نعود إلى البيت حيثُ كانت أمي الملكة ، وكبا أغلى رعاياها . وهكذا دخلبا ، معتز وصباح وهيفاء وأنا ، إلى الكلية العلمية الوطبية وقضيبا على مقاعدها أجمل أيام العمر . 14 كانت اللغة الفرنسَية لغتي الثانية وكبا نتذوق الأدب الفرنسَي من مبابعه ، وكان مدرشونا من ص َ فوة ِ رجال المعرفة ومن كبار الشعراء والمفكرين . وإنه من نعمة الله علي وعلى شعري معا ، أن معلم الأدب الذي تتلمذت على يده ، كان شاعرا من أرق وأعذب شعراء الشام وهو الأشتاذ خليل مردم بك . هذا الرجل ربطبي بالشعر مبذ اللحظة الأولى ، كان يقطف لبا من شجرة الشعر عشر زهرات جديدة في كل درس من دروشه ، حتى صارت ذاكرتبا الشعرية في نهاية العام بسَتانا يموج بالأخضر والأصفر والأحمر . 15 ولا بد لي هبا من القول إن مدرشي اللغة العربية وآدابها يلعبون دورا خطيرا في فتح شهية الطلاب الأدبية أو شدها . فيسَتطيع المدرس أن يجعل المادة التي بين يديه حقل جلبار ويحول
|