עמוד:82
رحلة في بلادي - عبدات النبطية 5 ومن قلب الصحراء ، صحراء البقب ارتحلت إليها ويدي على القلب وأنا أتابع بباظري ما تهبه الصحراء للعين من مرائي وأشكال ؛ ففي كل ركن مفاجأة أو تحد أو خطر ، وفي طريقك تدهمك الأغبام ، والبيوت البسَيطة بمبظرهها الرائع التي شتبقى ماثلة للأذهان . والرمل ... الرمل مادة الصحراء ، رمل يسَيل على الأفق كله ، فالصحراء فضاء من رمل . وشرعان ما تصير الصحراء صديقة تألفها ، وحين تصل إلى عبدات الببطية ، تسَحرك بمبظرها ، هذه المحمية الطبيعية الواقعة على قمة جبل وهي جزء من هضبة عبدات . شميت عبدات بهذا الاشم على اشم " إله " نبطي شمي باشمه العديد من ملوك الببطيين وقد كانت المبطقة كمحطة للمسَافرين على خط تجارة العطور التي تم نقلها من اليمن وجبوب السَعودية والبتراء إلى ميباء غزة . عمر هذا البلد في القرن الثالثُ قبل الميلاد وتطور مع الوقت ، إذ تواجد فيه المئات من السَكان وتحول إلى مديبة صغيرة ومفتوحة الحدود ، كجزء من المبظر العام في البقب . وقد عمل الببطيون على جمع وتخْزين المياه للحاجات المعيشية في المديبة ، وقد أقيم في مركز المديبة معبد يمكن رؤيته بصورة جميلة أثباء التجول في المكان . في العام 106 بعد الميلاد ، ضم القيصر الرومي " ترييبوس " الببطيين إلى الإمبراطورية الرومانية وتحولت المملكة الببطية التي عاصمتها البتراء إلى ولاية عربية وواصل شكانها الاشتغال بالزراعة وبقيت كمحطة معبر لقوافل تجارة العطور . وفي الفترة اليزنطية ) بعد قبول البصرانية في الإمبراطورية الرومانية ( كبرت المديبة ووصل عدد شكانها قرابة الـ 3000 مواطن . وقد تحول شكانها إلى البصرانية وأخلوا البلدة من معابدهم وأقاموا كبيسَتين وديرا ، وتكملة الرواية أن البلدة قد دمرت على يد الفرس عبدما توغلوا في البلاد عام 614 بعد الميلاد . في المسَار يمكببا رؤية مغارة المحاريب وفيها رموز نبطية ، وبيت الأثرياء ، وهو بيت من طابقين فيه بئر مياه كبيرة ، وبرج اشتخْدم لحماية السَكان ، تم بباؤه بصورة مثيرة للفضول ، وآليات لجمع الماء ، كما ونرى بالقرب من الموقف بئرا اكتشفت مؤخرا بعمق يصل إلى 60 مترا وهذا بجانب بيت حمام ، اشتخْدمت مياه البئر فيه ، وكذلك مخْمرة قديمة ، وقلعة ، والكبيسَتين الجبوبية والشمالية ، وبيت معيشة ومغارة لخْزن المواد التمويبية .
|