עמוד:107
4 بلغبا أوديسَا في المسَاء ولم يكن مع رفيقي ما يمكببا من الأكل في مطعم أو البوم في فبدق . فماذا نعمل ? وكان رفيقي أوشع حيلة ، وأكثر جرأة مبي ، فقال : هيا نفتش عن دير ـ واهتديبا في أول الليل إلى دير في المديبة . فاشتقبلبا الراهب الحارس بمبتهى البرودة ، ومن بعد أن شرحبا له ما نحن فيه وأفهمباه أنبا طلاب مدرشة . اشتشار في أمرنا الرئيس ، فتعطف الأخير وأذن لبا بالمبيت في زاوية مهجورة من الدير ، وعلى فراش من قش ، وتعطف مدير المطبخ فأمر لبا بالقليل من الخْبز الأشود والفاصولياء المسَلوقة مبذ أمس . 5 في اليوم التالي ذهببا إلى القبصلية التركية للتأشير على جواز السَفر ، وكان الموظف الذي قام بالمهمة يقف وراء حاجز من الحديد المشبك ، فيه نافذة صغيرة يتباول مبها الجوازات ومبها يردها إلى أصحابها . بعد أن انتهيبا من المعاملة لتأشير الجوازات ، انطلقبا إلى الباخرة وعلى متبها قطعبا البحر الأشود دون أن نذوق طعاما إلا بعض الفضلات التي كان رفيقي يحصل عليها من المطبخ حيبا بعد حين . وعبدما بلغبا اشطببول ورشت الباخرة في البوشفور ، أقدم الباعة الأتراك والأرمن واليونان في قواربهم ، وأحاطوا بالباخرة إحاطة السَوار بالمعصم . ولم يكن يسَمح لأي مبهم أن يصعد إلى الباخرة ، بل كانت الطريقة المتبعة بيبهم وبين الركاب في البيع والشراء أن يرفعوا إلى الشاري البضاعة ويضع ثمبها في السَلة . انفرجت الحال عبدما بلغبا بيروت فقد كان لبا فيها معارف . يمر الطريق من بيروت إلى بسَكبتا مسَقط رأشي بالشخْروب ، وعبدما أطلت علي تلك البقعة الحبيبة إلى قلبي غمرتبي غبطة لا توصف ، وشعرت كأن صخْور الشخْروب وأشجاره وشحاريره وحسَاشيبه تباديبي باشمي ، وبها من الشوق إلي مثل ما بي إليها ، ولم أجد من الأهل هباك غير الوالد وحده ، وكان يسَقي بعض مزروعات صيفية ، وكان قد رآني قادما من بعيد ، فما هش ولا بش ، لأنه لم يعرفبي في زيي الروشي إلا بعد أن أصبحت على بضع خطوات مبه ، فألقى في الحال المجرفة التي في يده أرضا ، وأقبل علي وفي عيبيه دموع ، وضمبي بذراعيه القويتين ، وراح يخْاطببي وفي صوته رجفة من شدة الفرح : ـ يا اببي . يا اببي . أهكذا تفعل ببا ? قلت متعجبا : ـ وماذا فعلت ? ـ إن أخبارك انقطعت عبا مبذ شهرين ، وأمك طريحة الفراش من فرط قلقها عليك . لا تصدق أنك حي ! ـ أحببت أن آتيكم بغتة . ـ أشرع ، أشرع يا ببي إلى والدتك وأنعش قلبها .
|