עמוד:133
نقرأ يوم من عمري فتح خليل شهادته وراح يتأمل العلامات التي حصل عليها . كان يحس بالمرارة وهو يقرأ علاماته ، لأن أكثرها كان غير كاف . فهي تدل على ضعفه في الدروس . فأحس كأن الشهادة لها سبابة ملتهبة ، تشير بها نحوہ ، وتصرخ : " هذا ولد كسول . إنه تلميذ ضعيف أضاع وقته في أمور تافهة . " كان خليل جالسا بقرب جذع شجرة في طرف حديقة المدرسة ، وكان خائفا أن يراه أحد وهو جالس مع شهادته يسمع ما تتهمه به . كان خائفا من تلاميذ صفه ، ومن كل تلاميذ المدرسة ، ومن المعلمين . كان يشعر بهذا الخوف رغم أن الجميع قد غادروا المدرسة وساحاتها وحرشها ، ولم يبق إلا أبو شاكر بواب المدرسة ، الذي كان يتجول في حجرات المدرسة ، يقفل هذا الباب أو تلك النافذة ، أو يقوم بغير ذلك من الأعمال التي يعرفها أو التي اعتاد القيام بها . أرخى خليل لخياله العنان . يفكر ، ويستعيد ذكرياته خلال سنة خلت أو سنوات مضت . إلا إنه فوجى بشخص "أبي شاكر ، " يسير بين الأشجار بوجهه الأسمر الواسع ، وعينيه السوداوين الكبيرتين ، وكرشه الكبير المندفع إلى الأمام؛ فطوى الشهادة ، وخبأها في جيبه ، وهم بالركض . " مين هذا " ? " هذا أنا يا أبو شاكر . " قال أبو شاكر والرفق باد في صوته : "نعم . " عرف عن أبي شاكر أنه طيب القلب ، يساعد التلاميذ ، الصغار منهم والكبار . كان يحبهم وهم يحبونه . كان أبو شاكر قد تزوج منذ زمن بعيد ، لكنه لم يرزق أولادا . كان يتمنى أن يرزق بنتا أو ولدا ، ليرث اسمه؛ خاصة وأنه قد كبر كثيرا ، وأصبح يتقلب في
|