كثيرا ما أسأل عن تفسير لظاهرة " الأخوين رحباني " وعما إذا كانت هذه الظاهرة خلاصة عودة إلى التراث الشعبي الذي ساد لأجيال في الأرياف اللبنانية ، أم كانت ، بالإضافة إلى ذلك ، خلاصة انفتاح على ثقافات وفنون أجنبية ، أم أن الأمر يتعلق بكفاءة وموهبة؟ وقد رددت دائما ، وأردد الآن كلمة شكسبير الشهيرة " نكون أو لا نكون "؛ فقد خضعنا في الواقع لتربية جبلية صرفة ، ربتنا جدتي ، أنا وأخي عاصي الذي يكبرني بسنة وأحد عشر شهرا ، على الأغاني الفولكلورية والعادات والتقاليد الشعبية ، عرفنا الوحدة في الطبيعة ومعها . امتزجنا بالطبيعة ، كان الوالد يعزلنا عن الناس خوفا من الأفكار الشريرة ، عشنا على فوار أنطلياس ، وعشنا بالمنيبع قرب مار إلياس شويا ، راقبنا الشمس تحول الظلال ، راقبنا النمل في مملكته وسعيه الذي لا ينتهي ، قطعنا كروم العنب ، عرك ْنا العنب ، صنعنا الدبس ، رعينا الماعز . كثيرا ما كنا نجلس أنا وعاصي ونحكي ، حفظنا الكثير من الأغاني القديمة والأشعار العربية ، لم يكن هناك تقليد شعبي إلا ومارسناه ، ومع الوقت شعرنا بأن جذورنا راسخة في تراثنا وفي أرضنا ، ثم درسنا لاحقا الموسيقا الشرقية على يد الأب بولس الأشق...
אל הספר