עמוד:108

7 في الواقع ، كانت الوالدة ملازمة فراشها عبدما بلغت البيت ، إلا أنها ما أن شمعت صوتي قبل أن دخلت البيت حتى هبت من فراشها واندفعت نحوي تقبلبي وتبلل وجهي بدموعها ، ولا تجد ما تقوله أكثر من : " نشكر الله ! نشكرك يا ربي ونحمدك " ! ثم تبحبي إلى الأرض فتقبلها كذلك مكررة شكرها وحمدها الذي رد ولدها إليها من بعد أن حسَبته في عداد الهالكين . 8 من ذكريات ذلك الصيف لا تزال ماثلة في ذهبي ذكرى حالة نفسَية غريبة مررت بها وأنا جالس عصر ذلك اليوم تحت أطَباف الصخْور الشاهقة في الشخْروب حيثُ أعشاش الخْطاف والسَبونو وحيثُ قباة نبع صبين تكركر فيها مياهه البلورية ، الباردة . ظلال ناعمة تكتبفبي . وعلى مسَافات مبي حقول فيها الحصادون ، وفيها أغبام وأبقار ترعى مطمئبة . ومن خلف الجميع قد انتصبت قامة تلال صبين ، وراحت أشعة الشمس تتزحلق على نواتئها فتتوهج بألوان كلها شحر وفتبة . 9 ويمشي فكري الهويبا مع الظلال والأنوار ، ومع قطرات الماء في القباة ، وفي الفضاء مع السَبونو والخْطاف . وما هي إلا دقائق حتى يغيب عبي كل شيء . وأراني كالماشي في نفق مظلم تحت الأرض . ففي داخلي أصوات لا تبفك تسَألبي من أين كل ذلك ? وإلى أين ? ولماذا هذا التبويع الهائل في الأشياء حتى لا تجد عشبتين أو زهرتين أو ثمرتين أو إنسَانين متشابهين في كل شيء ? لا بد أن وراء كل ذلك حكمة من الله . 10 الظلمة تزداد شوادا ، والبفق يضيق . وبغتة ألمح بصيصا من البور ، إنه ضئيل ، ضئيل . وبعيد ، بعيد ، ولكببي أشعر في الحال بانفراج في صدري ، وفي البفق ، وفي الظلمة ، ويزداد الانفراج فيغدو شبه غبطة ، وأحس كأن أبوابا كثيرة مغلقة في داخلي أخذت تتفتح . وإذا بي أعود إلى حيثُ كبت ـ على أطباف الصخْور من فوقي ، وأشراب الخْطاف والسَبونو تروح وتأتي إلى أعشاشها ، وإلى الحصادين في حقولهم ، والأغبام والأبقار في مراعيها ، وإلى مياه صبين تغبي في قباتها فتترنح لغبائها الأعشاب من حواليها . أعود وكأنبي عائد من رحلة اشتغرقت أبديات . وأحسَبي كالهابط إلى الأرض من علو شاهق . ولكببي ، في الوقت عيبه ، أحسَبي أوشع وأكبر مما كبت بكثير . ميخْائيل نعيمة ، سبعون ... حكاية عمر

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר