עמוד:130

6 وانتهيبا إلى باب داره فقال صاحبي : " كم تقدر يا صاحبي ما أنفقت على هذا الباب ? أنفقت والله عليه فوق الطاقة ، كيف ترى صبعه وشكله ? أرأيت بالله نظيره ? انظر إلى دقة صبعه ، وتأمل حسَن تعريجه ، ثم انظر هذه الحلقة التي فيه ، لقد اشتريتها من شوق الطرائف من عمران الطرائفي بثلاثة دنانير . انظر كم فيها من البحاس يا صاحبي ! فيها شتة أرطال ! بالله دورها ، ثم انقرها . " 7 وقرعبا الباب ودخلبا الدهليز . فقال صاحبي : " عمرك الله يا دار . تأمل بالله دواخلها وخوارجها ، وشلبي كيف حصلت عليها ، وكم من حيلة احتلت لها . فلقد كان لي جار يكبى أبا شليمان ، يسَكن هذه الدار ، وله من المال ما لا تسَعه الخْزن . فمات رحمه الله وخلف اببا أتلف المال ، وخشيت أن تذهب الدار فيما ذهب ، ويفوتبي شراؤها . فاحتلت حتى أقرضت صاحب الدار ما لا أحتاج إليه ، وتغافلت عن طلب الدين حتى خسَر كل ماله ، فسَألته أن يجعل داره رهيبة لدي ، ففعل . ثم صبرت عليه إلى أن أفلس وحصلت على الدار بثمن َ بخْس ٍ . وإنما حدثتك بهذا الحديثُ لتعلم شعادة حظي . ونعود إلى حديثُ المضيرة فقد حان وقت الطعام . " ثم نادى : " يا غلام احضر الطسَت والماء ! " فقلت في نفسَي : " ربما قرب الفرج " . 8 تقدم خادمه ووضع الطسَت ، وأخذه المضيف وقلبه بين يديه وأدار فيه البظر . ثم نقره وقال : " انظر إلى هذا البحاس الأصفر كأنه قطعة من الذهب ، إنه نحاس الشام وصبعة العراق . تأمل حسَبه وشلبي متى اشتريته ? اشتريته والله عام المجاعة . يا غلام ، هات الإبريق ! " فقدم الغلام الإبريق له فقلبه بين يديه وقال : " لا يصلح هذا الابريق إلا لهذا الطسَت ، يا غلام ، صب الماء ، فقد حان وقت الطعام ! " . ثم أضاف قائلا " بالله ترى هذا الماء ما أصفاه . وكأنه لسَان الشمعة في صفاء الدمعة . وهذا المبديل شلبي عن قصته . فهو من حرير ثمين ، عرض علي فاشتريته . فاتخْذت امرأتي بعضه ثيابا ، وأشلمت البقية إلى المطرز حتى صبعه كما تراه . فادخرته للظراف من الأضياف أمثالك . يا غلام ، احضر الخْوان والقصاع والطعام ، فقد كثر الكلام ! " . 9 فأتى الغلام بالخْوان ، وقلبه صاحب البيت ونقره وقال : " . تأمل بالله هذا الخْوان وانظر إلى خفة وزنه وصلابته وحسَن شكله " . فقلت له : " هذا الشكل ، فمتى الأكل ? " فقال : " الآن . عجل يا غلام بالأكل ، لكن الخْوان ... " فق َِ بطت وقلت في نفسَي : " قد بقي الخْبز وآلاته وصفاته ، والحبطة من أين اشتراها ، وكيف اشتأجر لها حمالا ، وفي أي رحى طحبت ، وكيف عجبت وخبزت . وبقي الحطب ومتى جلب ، وكيف صفف وجفف . وبقي الخْباز ووصفه ، والدقيق والخْمير وشرحه ، وبقيت المضيرة كيف اشترى لحمها ، ووفى شحمها ، ونصب قدرها ، ودقت أبزارها حتى أجيد طبخْها وعقد مرقها ، وهذه مصيبة عظيمة " . فقمت .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר