עמוד:129
على الخوان 1 جلس أشعب وضيوفه يتحادثون شاعة قبل أن يوضع بيبهم الخْوان ويقدم الشراب . وحلف أشعب على حلاق كان قد اشتدعاه ليحلق له ، ألا يبرح حتى يحضر معهم العشاء . 2 جاء وقت الطعام ، ووضع الغلام الخْوان ، وقدم " مضيرة " من لحم الجدي واللبن الحامض والتوابل والأبزار ، تثبي على كرم أشعب وتشهد له بالسَعة والرخاء ، في قصعة عظيمة تخْطف الأبصار من بهائها وروائها . 3 فما إن أخذت المضيرة مكانها من المائدة ، حتى قام الحلاق على قدميه شاخطا ، فظبه الحاضرون يمزح ، فإذا هو جاد في الكلام ، وإذا هو يتبحى بعيدا ، فرابهم أمرها وخافوا أن يمدوا إليها يدا ، فرفعوها فارتفعت معها قلوبهم وشافرت خلفها عيونهم ، وتحلبت لها أفواههم ، ولكبهم أذعبوا على مضض ، وأقبلوا على الحلاق يسَألونه عن أمرها ، فتبهد وقال : " قصتي معها أطول من مصيبتي فيها ! " وشكت ، فصاحوا به : " تكلم ! " فتردد ثم قال : " أخاف لو حدثتكم بها ألا آمن من غضبكم وإضاعة وقتكم ... " فزاد بذلك رغبتهم في الاشتطلاع ، فقالوا له جميعا : " تحدث ! " 4 فجلس وأطرق شاعة ، ثم رفع رأشه وقال : " مبذ شبوات ثلاث دعاني حلاق من إخواني الحلاقين ، كان قد ترك الحرفة بعد أن أصبح ثريا ، إلى أكلة " مضيرة " . ولزمبي ملازمة الظل إلى أن تركت حانوتي وزبائبي وأجبته إليها وقمبا . فجعل طول الطريق يثبي على زوجته في صباعة المضيرة وبراعتها في طبخْها ، ويقول : " يا صاحبي لو رأيتها وهي تدور في المطبخ بين القدور تبفثُ بفمها البار وتدق بيديها الأبزار ، لرأيت مبظرا تحتار فيه العيون . من شعادة المرء أن يرزق المسَاعدة من زوجته ، فهي اببة عمي . مديبتها مديبتي ، ولكبها أوشع مبي صدرا ، وأحسَن خلقا " . 5 ومضى يحدثبي بصفات زوجته حتى وصلبا إلى الجهة التي يقيم فيها . فقال : " يا صاحبي ترى هذه الجهة هي أشرف موقع في المديبة ، يتبافس الأخيار في نزولها ولا يقطبها غير كل عظيم وإنما المرء بالجار . وداري في وشطها كالبقطة في الدائرة . انظر إلى داري وقل لي كم تقدر ثمبها ، قله تخْميبا ! " قلت : " الكثير " . فقال : " يا شبحان ﷲ ! تقول الكثير فقط ! "
|