עמוד:74

والنساك والصالحين ، وكتبا في الوعظ والسنن ، وكان صاحبنا يقعد وهم عنه غافلون ، ولكنه لم يكن غافلا عما يسمع ، بل لم يكن غافلا عما يتركه هذا القصص في نفوس السامعين من الأثر . فإذا غربت الشمس تفرق القوم إلى طعامهم؛ حتى إذا صلوا العشاء اجتمعوا فتحدثوا طرفا من الليل ، وأقبل الشاعر فأخذ ينشدهم أخبار الهلاليين والزناتيين ، وصاحبنا جالس يسمع في أول الليل كما كان يسمع في آخر النهار . وعلى هذا النحو حفظ صاحبنا كثيرا من الأغاني ، كثيرا من التعديد وكثيرا من جد القصص وهزله ... وحفظ إلى ذلك كله القرآن ، ولكنه لا يعرف كيف حفظ القرآن ، ولا يذكر كيف بدأہ ولا كيف أعادہ ، وإن كان يذكر من حياته في الكتاب مواقف كثيرة ، منها ما يضحكه الآن ، ومنها ما يحزنه : يذكر أوقاتا كان يذهب فيها إلى الكتاب محمولا على كتف أحد إخوته؛ لأن الكتاب كان بعيدا ، ولأنه كان أضعف من أن يقطع ماشيا تلك المسافة . ثم لا يذكر متى بدأ يسعى إلى الكتاب ... منذ هذا اليوم أصبح صبينا شيخا وإن لم يتجاوز التاسعة؛ لأنه حفظ القرآن ، ومن حفظ القرآن فهو شيخ مهما تكن سنه . ودعاه أبوه شيخا ، ودعته أمه شيخا ... عن : "الأيام ، " طه حسين ( بتصرف ) بعد القراءة نسرد شفويا مرحلة من مراحل حياة طه حسين .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר