עמוד:306
اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻣﺮارًا وﺗﻜﺮارًا ﻋﻠﻰ أن ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻃﺮﻓﺎ ﻣﺤﺎورا وﻟﻦ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﻌﻬﺎ .وﻗﺪ ﺳﻨﺖ اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ ﺑﻤﺒﺎدرة ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﻳﺤﻈﺮ اﻻﻟﺘﻘﺎء ﺑﻤﻤﺜﻠﻲ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ .وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ، إﻻ أن هﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ أﺟﺮوا اﺗﺼﺎﻻت ﺳﺮﻳﺔ وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻊ أﻋﻀﺎء ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ .ﺑﻞ إن ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻤﻞ ﺑﻤﺒﺎدرﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻠﻰ إﺟﺮاء اﻟﻠﻘﺎءات، ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺮّض اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻴﻦ ﻟﻠﺴﺠﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي ﻳﺤﻈﺮ إﺟﺮاء ﻣﺜﻞ هﺬﻩ اﻟﻠﻘﺎءات. ﻓﻲ آﺎﻧﻮن اﻷول ﻋﺎم 1978 اﻧﺪﻟﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ وﻗﻄﺎع ﻏﺰة اﻟﻤﺤﺘﻠﻴﻦ اﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺎت ﻋﻨﻴﻔﺔ ﺿﺪ ﻗﻮات اﻷﻣﻦ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ.وهﺬﻩ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺗﺴﻤﻰ "اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ) "إﻧﺘﻔﺾ ﻟﻐﺔ ﺗﺤﺮك واﺿﻄﺮب .(ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻋﺼﻴﺎﻧﺎ ﻣﺪﻧﻴﺎ، ﻧﺘﺠﻌﻦ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ واﻹﺣﺒﺎط ﻟﺪى اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ واﻟﻘﻄﺎع ﻻﺳﺘﻤﺮار اﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ، وﻟﻌﺪم اﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت ﻟﺤﻞّ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ. وﻗﺪ ﺗﻤﻴﺰت هﺬﻩ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺑﺮﺷﻖ اﻟﺤﺠﺎرة ورﻣﻲ اﻟﺰﺟﺎﺟﺎت اﻟﺤﺎرﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮآﺒﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻣﻤﺎ ﺳﺒﺐ اﻷﺿﺮار ﻟﻬﺎ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ واﻟﺠﻨﻮد اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﻴﻦ . وﻗﺪ أﻃﻠﻖ اﻟﺠﻨﻮد ﺑﺪورهﻢ اﻟﺮﺻﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻈﺎهﺮﻳﻦ، وﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺁﺧﺮ ﺑﺪأ ﻳﺰداد ﻋﺪد اﻟﻘﺘﻠﻰ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ. وﻗﺪ أدى ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺎت إﻟﻰ زﻳﺎدة ﺣﺪة اﻟﺘﺼﺪع اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ –اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﺣﻴﺚ ﺛﺎر ﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﺮأي ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺣﻮل اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أﻧﺘﺘﺒﻌﻬﺎ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ وﺗﺼﺮﻳﺤﺎت ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ .ﻗﺴﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر، وﻣﻨﻬﻢ ﻣﺆﻳﺪو ﻓﻜﺮة أرض إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ، ادﻋﻰ أن ﻻﻣﺠﺎل ﻟﻠﻮﺛﻮق ﺑﺘﺼﺮﻳﺤﺎت اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺑﺸﺄن اﺳﺘﻌﺪادهﻢ ﻟﻼﻋﺘﺮاف ﺑﺪوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، إذا اﻋﺘﺮﻓﺖ هﻲ ﺑﺤﻖ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﻤﺼﻴﺮ، وإذا أﺗﺎﺣﺖ ﻟﻬﻢ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ .وادّﻋﻮا أن اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ إﻧﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻤﻴﺜﺎق اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ وإﺑﺎدة دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﻟﻬﺬا ﻋﻠﻰ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺗﺒﻨﻲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺣﺎزﻣﺔ ﺗﺠﻪ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮة. وﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ رأى اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ، ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي ﻓﻜﺮة اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ- ﺑﻮن اﻟﺘﻮﺻﻞ ﻟﺤﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻻﺋﻖ - إﻧﻬﺎء اﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ وﺿﻤﺎن أﻣﻨﻬﺎ. أدت اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ، وآﺬﻟﻚ إﻋﻼن اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻋﺎم 1988 وﺧﻄﺎب ﻋﺮﻓﺎت ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة - ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ إﻟﻰ إﺣﺪاث ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﺣﻜﻮﻣﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺑﻴﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ .وﻓﻲ ﻋﺎم 1991، ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻣﺪرﻳﺪ، واﻓﻘﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻠﻴﻜﻮد ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ إﺳﺤﻖ ﺷﻤﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﻊ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ )وﻟﻴﺲ ﻣﻊ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ.( ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﺎم 1992 ﺣﺪث ﺗﺤﻮل ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ :ﺣﻴﺚ اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺣﺰب اﻟﻠﻴﻜﻮد إﻟﻰ ﺣﺰب اﻟﻌﻤﻞ، وأُﻗﻴﻤﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ اﺳﺤﻖ راﺑﻴﻦ .ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻔﺘﺮة ﺑﺪأت اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺴﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺣﻞ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ وإﻧﻬﺎء اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ .وﻗﺪ ﺗﺒﻠﻮرت إﺛﺮ هﺬﻩ اﻟﻤﺤﺎدﺛﺎت إﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻌﺮؤوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ "إﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اوﺳﻠﻮ) "1993.( ﺑﻤﻮﺟﺐ هﺬﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺳﻮف ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺳﻼم ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻮﻳﺔ إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وإهﺎء اﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ.
|