|
עמוד:162
اﻷﻣﻦ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ إن اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺆدي أﺣﻴﺎﻧﺎ إﻟﻰ ﻧﺸﻮء ﺗﻮﺗﺮ ﺑﻴﻦ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وأﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ .ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟﻄﻮارئ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن هﻨﺎك ﺧﻄﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻳﺘﻬﺪد أﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ، ﻳﻨﺸﺄ ﺗﻀﺎرب ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻦ واﻟﻤﺒﺎدئ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﻮاﻃﻦ .ﻓﻲ دﺳﺎﺗﻴﺮ اﻟﺪول اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﻓﻲ اﻟﻤﻮاﺛﻴﻖ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺑﻨﻮد ﺗﺘﻴﺢ اﻟﻤﺲّ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻄﻮارئ واﻟﺤﺮب ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ أﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ، أي ﻟﻀﻤﺎن اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ وﺟﻮد اﻟﺪوﻟﺔ، ﺳﻼﻣﺘﻬﺎ واﺳﺘﺘﺒﺎب اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺎم ﻓﻴﻬﺎ.اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن، ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل، ﺗﺘﻴﺢ اﻟﻤﺲّ ﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻻﻋﺘﺒﺎرات ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ .ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻄﻮارئ واﻟﺤﺮوب ﺗﻔﺮض اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﺗﻘﻴﺪ اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ.,ﻓﻘﺪ ﻗﻴّﺪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﻋﺎم 1982 ﻓﻲ ﺣﺮب اﻟﻔﻮآﻼﻧﺪ .آﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻓﺮض اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻷﻣﻨﻴﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺗﺼﻨﻴﻒ وﺛﺎﺋﻖ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺳﺮﻳﺔ وﻣﻨﻊ ﻧﺸﺮهﺎ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻤﻨﻊ إﻓﺸﺎء أﺳﺮار اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺴّﺎ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق. ﻣﺜﺎل ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺮﻳﻊ أوﻗﺎت اﻟﻄﻮارئ اﻟﺬي ﻳﻤﺲ ﺑﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻤﺲ ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ هﻮ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري :اﻋﺘﻘﺎل ﺷﺨﺺ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻟﻤﺠﺮد اﻻﺷﺘﺒﺎﻩ ﺑﻪ ﺑﺪون ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻻﺋﺤﺔ اﺗﻬﺎم ﺿﺪﻩ .اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري هﻮ اﻋﺘﻘﺎل ﺑﺪون ﻣﺤﺎآﻤﺔ، ﺑﺪون إﺛﺒﺎت أن اﻟﺸﺨﺺ ﻗﺪ ارﺗﻜﺐ ﻋﻤﻼ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ .وهﻮ اﻋﺘﻘﺎل وﻗﺎﺋﻲ ﻟﺘﻔﺎدي ﺧﻄﺮ ﻳﻬﺪد أﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ أو اﻷﻣﻦ اﻟﻌﺎم ﺑﺴﺒﺐ هﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻻﺣﻘﺎ. اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري ﻳﻌﺘﺒﺮ وﺳﻴﻠﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ .هﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎل ﻳﻤﺲّ ﺑﺤﺮﻳﺔ اﻟﻤﻌﺘﻘﻞ وﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻟﻤﻨﺼﻔﺔ )ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺠﻮز اﻋﺘﻘﺎل أي ﺷﺨﺺ ﺑﺪون اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻹﺟﺮاءات اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ(، آﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻌﻄﻰ ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﻞ أﻳﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻷدﻟﺔ ﺿﺪﻩ وﻻ ﺗﻌﻄﻰ ﻟﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻹﺳﻤﺎع أﻗﻮاﻟﻪ .ﻻ ﻳﺠﻮز اﻋﺘﻘﺎل ﺷﺨﺺ إدارﻳﺎ إﻻ إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ هﻨﺎك أﻳﺔ وﺳﻴﻠﺔ أﺧﻒ ﻟﻤﻨﻊ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺬي ﻳﻬﺪد اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ. ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺪول اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري ﻟﻴﺲ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺤﺮب ﻓﻘﻂ، وإﻧﻤﺎ ﻋﻨﺪ وﺟﻮد ﺗﺨﻮّف ﻣﻌﻘﻮل ﻣﻦ أن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺗﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻋﻨﻴﻔﺔ واﺳﺘﻌﻤﺎل وﺳﺎﺋﻞ ﺗﻬﺪد ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮر وأﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ. ﻳﺘﺠﻠﻰ هﺬا اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺤﻖ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺎهﺪة ﺟﻨﻴﻒ ﻟﻠﺸﺌﻮن اﻟﺤﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮف ﺻﺮاﺣﺔ ﺑﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري .اﻟﻤﻌﺎهﺪة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن هﻨﺎك ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻣﺤﺪد وﻣﻔﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺑﺤﺴﺒﻪ ﺗﻄﺒﻖ هﺬﻩ اﻟﺼﻼﺣﻴﺔ . آﺬﻟﻚ ﺗﻘﺮر ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎهﺪة ﺑﺄن ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ أن ﺗﻤﻨﺢ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺌﻨﺎف ﺿﺪ اﻻﻋﺘﻘﺎل اﻹداري ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎء. ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﺈن اﻟﻤﺸﺮّع واﻟﻤﺤﺎآﻢ ﻳﻌﻮن اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺴﺒﺐ إﻋﻄﺎء ﺳﻠﻄﺎت اﻷﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺔ إﺟﺮاء اﻻﻋﺘﻘﺎﻻت اﻹدارﻳﺔ .ﻟﻬﺬا ﻓﻘﺪ ﻗﻴّﺪ اﻟﻤﺸﺮع هﺬﻩ اﻟﺼﻼﺣﻴﺔ وﻗﺼﺮهﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻻت اﻟﻄﻮارئ، وﺗﺸﺪد اﻟﻤﺤﺎآﻢ ﻓﻲ ﻗﺮارات ﺣﻜﻤﻬﺎ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ اﺳﺘﻌﻤﺎل هﺬﻩ اﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺑﺤﺬر ﺷﺪﻳﺪ، وﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻬﺪد ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻄﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ أﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻷﻣﻦ اﻟﻌﺎم، وﻟﻴﺴﺖ هﻨﺎك أﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى ﻟﻤﻨﻊ وﻗﻮع هﺬا اﻟﺨﻄﺮ. وﻋﻠﻰ اﻹﺟﻤﺎل ﻓﺈن اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وأﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﻳﺆدي أﺣﻴﺎﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺲ ﺑﺤﺮﻳﺎت اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﻮاﻃﻦ .ﻟﻬﺬا ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﺮص ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮازﻧﺔ ﺑﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻷﻣﻨﻴﺔ واﻋﺘﺒﺎرات ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وأن ﺗﻀﻤﻦ ﻋﺪم ﻣﺲ اﻟﺴﻠﻄﺎت ﺑﻤﺒﺎدئ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ وﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻋﺪم وﺟﻮد ﺧﻄﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻳﻬﺪد أﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ.
|
|