עמוד:110

في ليالي الشتاء الباردة كان أبي يقرأ لنا في البيت _ كما ذكرت _ أو يصنع لي اللعب . وفي الصيف كان يصحبني كل يوم أحد إلى الغابة . وهناك في الخلاء لم يكن يتحدث كثيرا ، بل يجلس صامتا مستغرقا في التفكير . وكان طعامنا يتكون من شطائر الزبد الملفوفة داخل قماشة كبيرة وإبريق ممتلئ بالشراب . كانت سعادتي ل توصف . وكنت أقوم بجمع حبات الفراولة وأعبئها في فرع نبات أخضر ، وأصنع مراكب من القصب وألقيها تسبح في النهر . لـم تكشف لي الطبيعة عن كل أسرارها ، كما فعلت معي في ذلك الوقت . كنت أملك خيال رحبا وكان يخيل إلي أن كل زهرة تتكلم معي وكل عصفور يتحدث إلي . كنت شاعرا دون أن أعرف . وكانت أمي تصحبنا مرة واحدة في العام ، في أيار ، عندما تكسو أشجار الغابة بهجة الربيع . فترتدي أمي ثوبا من القطن بني اللون مزركشا بالورد ، وهو الثوب الذي ترتديه في هذا اليوم فقط أو عندما تحضر قداس العشاء الرباني في الكنيسة . وبقدر ما أتذكر كان هذا الثوب فستان الـمناسبات الوحيد لديها طوال تلك السنوات ، وعندما تحين ساعة العودة إلى البيت كانت أمي تجمع كمـية من أعواد الشجر؛ لنزين بها حجرتنا . أكثر ما كان يبهجني هو الجلوس تحت شجيرة الكزبرة التي تقف وحيدة في الفناء ، حيث أقوم بنشر وزار أمي فوقها مبعدا أوراقها عن الجدار مستعينا بعصا مكنسة . تلك كانت خيمتي في الأيام الـممطرة والـمشمسة ، أجلس تحتها أتأمل أوراق شجيرة الكزبرة وأتابع نموها يوما بعد يوم منذ بدايتها وهي براعم صغيرة خضراء إلى أن تتفتح أوراقها وتكبر وتصفر . كنت أضعف التلاميذ بنية في الـمدرسة ، ولهذا السبب كان السيد "كارستنز" المعلم يمسك بيدي عندما يلعب سائر الصبيان ، حتى ل يدهسوني في أثناء لعبهم . ول بد أن الرواة سيروون فيما بعد أن السيد "كارستنز" عندما تقدم به العمر صرح قائلا والبتسامة الـمرحة تعلو شفتيه : " نعم ، نعم .. كنت أول من علم واحدا من أشهر الشعراء لدينا؛ إنه " هانز كريستيان أندرسن" الذي تعلم على يدي في الـمدرسة . " كان الناس يقولون عني أني أملك صوتا جميلا يمكن أن يجلب لي الحظ السعيد في هذا العالم ، وكثيرا ما كنت أفكر كيف يمكن لهذا الحظ أن يجيء . ولأن الخيال هو الواقع عندي ، عشت أتوقع حدوث أعجب الأمور . سمعت من إحدى السيدات العجائز وهي تغسل الـملابس بالنهر أن إمبراطورية الصين تقع بالضبط تحت نهر "أودنز . " ومن ثم تخيلت أنه ليس من المستحيل أن يصعد إلينا من جوف الأرض أمير صيني في إحدى الليالي المـقمرة بينما أنا جالس هناك على حافة النهر ، وبعد أن يسمع صوتي يأخذني معه إلى عالم مملكته الغنية . زابينه فريدريكسون- هانز كريستيان أندرسن

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר