עמוד:50

فأجابَهُ : "أنت وصاحبك بهذي الشقفة؟" قالَ : "نعم، أنا وصاحبي" . أخذَ الكعكةَ، وعضَّ منها لقمةً، وقالَ وهو يمضغُها : "طيّب، يلا، اُقعدْ أنت هنا . وأنت، اُقعدْ هناكَ" . في الواقعِ، لم يكنْقد بقيَمِنَالزبائنِإلّواحدٌ، فأجلسَنا معَهُ . وراحَ"يُشعِرُ" و "يُفسِّرُ" والصورُالملوّنةُ الزاهيةُتتوالى وراءَالعدسةِالسحريّةِ : صيّادون، وخيولُهم، وكلابُهم، وملوكٌ، وجنودٌيتساقطونَقتلى . . . لم يكنْ بينَ ما يرويهِ وبينَ الصورِ إلَّ أَوْهى العلاقةِ . غيرَ أنَّ الإيحاءاتِ كانَتْ هائلةً، وسرعانَ ما انتهى العرضُ . مساءً، حينَ اجتمعْنا في البيتِ، قلْتُ لأخي : "أينَ صندوقُ الدنيا؟" 9 قالَ ضاحكًا : "أعدْتُهُ إلى أصحابِهِ" . قلْتُ : "تفرّجْتُ اليومَ على صندوقِ الدنيا الكبيرِ، في بابِ الديرِ، يُطيِّرُ العقلَ ! " . قالَ : "واللّهِ لو كانَ عندي صورٌ، لصنعْتُ لكَ أروعَ صندوقٍ" . هنا تدخَّلَ أبي، قائلاً : "شو يا جماعة . بدناش نحكي قصّة الليلة؟" . قلْنا جميعًا : "طبعًا، طبعًا، بدنا يابا" . كانَاليومُالتالي الأحدَ، ويومُالأحدِل نذهبُإلى المدرسةِ، بل يذهبُالجميعُإلى الكنيسةِ . أمّا أنا فقصدْتُ 10 إلى دارِعبدُه، وأحضرْتُهُمعي إلى دارِنا، ومعَهُصندوقٌكرتونيٌّمِن صناديقِالأحذيةِ، كانَأبوهُقد جاءَبهِقبلَ يومينِ . وقضيْنا ذلكَالصباحَفي تهيئةِموادِّالمشروعِ : ورقِجرائدَللشريطِ، وقنينةِصمغٍ، وقطعةِزجاجٍتعوّضُ عنِ "البنّورة"، وعودَيْنِ أحضرْناهما مِن كومةِ الحطبِ الذي تجمعُهُ أمّي وجدّتي للوَقودِ . بعدَساعتينِأو ثلاثٍكانَكلُّشيءٍقدِاكتملَ – إلّالصورَ . أسرعَعبدُه إلى البيتِ، ثمَّعادَومعه ثلاثُأو 11 أربعُصورٍفوتوغرافيّةٍكالـِحةٍمِن صورِالعائلةِ، لم تعجبْني كثيرًا . وعندَها تذكّرْتُكتابَأخي الإنجليزي . كانَ أخي غائبًا معَأصحابِهِفي رأس افطيس، أو في ملعبِ"أبونا أنطون" . وجئْتُبمقصِّأمّي – وهي بانشغالِها ل تعلمُما الذي نحنُمنهمكانِبهِفي الحاكورةِ – ورحْنا نقصُّالصورَعن كلِّورقةٍ، ورقةًبعدَأخرى، ونلصقُها على الشريطِ، إلى أن لم يبقَمِنَالكتابِإلّالقُصاصاتُ . ولِكَيلا ينفضحَأمرُنا بشأنِهِ، اقترحَعبدُه أن نحرقَتلكَ القُصاصاتِ، ونخلُصَمنها . وهذا بالضبطِما فعلْنا : خرجْنا إلى الزقاقِ، وأشعلْنا النارَفيها . وهكذا، في دقيقتينِ، أخفيْنا معالمَ السرقةِ . وأخذْنا صندوقَالدنيا إلى أصحابِنا نفرِّجُهم عليه، ونثيرُفيهمِالدهشةَوالغَيرةَ . سمّيْناهُ"السينما" . "سينما 12 ابّلاش ! سينما بلا مصاري ! " كنّا نصيحُ . ولكنْسرعانَما ندمْنا على كرمِنا . فقد تجمّعَصبيةُالحارةِكلُّهم، وأخذوا يتخاطفونَ"السينما" . فانبعجَ 1 الصندوقُ، ثمَّتفرفطَبينَأيدينا . وقعَتِالزجاجةُعن مكانِها، ثمَّسقطَالغطاءُ، ولم يبقَإلّشريطُالصورِ . وعندَما حاولْتُإنقاذَهُ، جرَّأحدُهم طرفًا منْهُ، وتمزّقَ، ثمَّجرَّآخرُقسمًا آخرَ، ومزّقَهُ . وأخيرًا جلسْنا أنا وعبده على عتبةِإحدى الدكاكينِالمغلقةِ، وبينَأيدينا بقايا مشروعِنا المحطّمِ . ثمَّتركَني عبده وذهبَإلى البيتِ . واستبدَّ بي الإحساسُ بالقهرِ، وبكيْتُ . 50

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר