עמוד:51
ولم يبقَلِبُؤسي لكي يكتملَإلّأن يمرَّأخي برفقةِ جماعتِهِ، والشمسُتغيبُ، ويراني مكوّمًا في الركنِمِن 1 مدخلِ الدكّانِ المغلقةِ، وجاءني مَرِحًا يقولُ : "يلا، إلى البيتِ" . ورغمَمحاولتي إخفاءَدموعي، أدركَيوسف ما أنا فيه مِن بؤسٍ، وقالَ : "أتبكي؟ مَن ضربَكَ؟ قُلْلي مَن، 1 حتّى أكسرَلكَرأسَهُ" . أشرْتُإلى الصورِالممزّقةِ، والمبعثرةِعندَقَدَمَيَّ، وقلْتُ : "صندوقُالدنيا، فتفتوهُ ! " . تناولَبعضَالمزقِ، ثمَّألقى بها عنه . أنهضَني مِن مكاني قائلاً : "أعلى هذا تبكي؟ سأصنعُلكَألفَصندوقٍ . . . تعالَ" . ولكنّني، حينَخطرَلي ما الذي سيفعلُ بي، عندما يكتشفُ أنّني قصقصْتُ كتابَهُ، جعلْتُ أبكي مِن جديدٍ، 1 وأنا أسيرُ معه . وإذا هو يسألُني : "مِن أينَ دبّرْتَ الصورَ؟" سلّمْتُ أمري للهِ وقلْتُ : "مِن كتابك الإنجليزي" . فصاحَ : "إيش؟ شو بتقول؟" كرّرْتُ : "مِن كتابك الإنجليزي" . فتوقّفَعنِالسيرِ، وتوقّعْتُمنه أن يلكمَني . وهو قويٌّجدًّا، ومعروفٌبينَأصحابِهِبأنّهُمستعدٌّدائمًا 1 لضربِ مَن يتعدّى عليه، كبيرًا كانَ أم صغيرًا . جابهَني، وأمسكَ بكتفيَّ، وعِطْتُ أنا في بكائي . غيرَ أنّهُ قالَ : "اُسْكُتْ ! يلعن أبو الكتاب ! بكرة بجيب غيره . بس اسكت، اسكت ! " والتفتَ حولَهُ يمينًا ويسارًا، بكبرياءٍ قالَ : "ل أريدُ أن يراك أحدٌ يومًا تبكي . أبدًا ! فاهم"؟ قالَ ذلكَ، وجرَّني مِن يدي ركضًا إلى البيتِ . جبرا إبراهيم جبرا، البئر الأولى، فصول من سيرة ذاتيّة ( بتصرّف ) 51
|