|
עמוד:259
لكن القضية تتجاوز مجرد كونها " قفزة " برعاية شركة مشروبات ، بل هي في صميم غريزة الإنسان التي طالما دفعته للمغامرة والاستكشاف . الغريزة المحركة لمبدإ " تعمير الأرض "؛ فالإنسان فضولي ، قاده فضوله إلى الهجرة عبر القارات ، لاكتشاف النار والعجلة والأرقام ، لسكنى الصحارى الرملية والجليدية . الفضول هو الذي أفضى بشعوب الإنكا لبناء بيوتهم على ارتفاع 17 ألف قدم . وأفضت بالسلالات البولينيزية إلى ترك رحابة الأرض ، واستعمار جزر ضئيلة في قلب المحيط ، ناهيك عن جرأة قبائل الإسكيمو العجيبة ! إننا مدفوعون بقوة دفينة في جيناتنا ، وفي قدرات أجسادنا ذاتها لاستكشاف الأرض وما بعدها في العالم المحيط ، أو في ما وراء المعلوم . والبحث عما وراء المعلوم سمة من سمات المتفوقين . وإن كان الثمن مرتفعا في الكثير من المرات . ونتساءل : ماذا استفادت البشرية من الوصول إلى القطب الجنوبي ؟ وماذا استفدنا من اكتشاف اليورانيوم ؟ لماذا أقدم " ثيسيجر " على اجتياز الربع الخالي مرتين ؟ هل كان أولئك المغامرون متهورين ؟ ربما . إنهم طبقة الذين فتحوا الباب لمن سيأتي بعدهم ، مقتفيا أثرهم . لقد كان " كريستوفر كولومبوس " مغامرا ... لكن مغامرته أفضت إلى إعادة اكتشاف نصف العالم . أذكى منه كان المكتشفان : " ماجلان " و " جيمس كوك " . فماجلان دار حول " رأس الرجاء الصالح" في إفريقيا وصولا إلى الهند من أوروبا ، والكابتن " جيمس كوك " لف البحار ليقدم للعالم القديم أستراليا ونيوزيلندا وجزر هاواي . ماذا عن المجنونين اللذين نفذا أول عملية طيران عبر الأطلسي عام ؟ 1919 لا شك أنهما في وقتيهما وجدا من ينعتهما بالتهور . إذا ، ماذا استفاد العالم من قفزة فيليكس؟ لا ينبغي أن تكون هناك فائدة مباشرة وواضحة لأية مغامرة . إن غريزة الاستكشاف ليست عملية مقايضة آنية ، بل هي أقرب ما تكون للمضاربة المجنونة في بورصة الحظ . ربما لا تتجسد نتائج المغامر فيليكس إلا بعد سنوات . أما مجالها الأقرب للذهن ، فهو السياحة الفضائية ! لقد تعثر المكتشف كولومبوس بأميركا وهو يبحث عن طريق تجارية أقصر للهند . ولعل المخترعة " مدام كوري " تحملت الحروق الإشعاعية ، وهي تمني نفسها بجائزة نوبل ثالثة . المغامر هو كائن مهووس ببريقي المجد والذهب .
|