עמוד:162
العولمة الاقتصادية – ميزات وانعكاسات غيرت عمليات العولمة الاقتصادية وجه العالم من جهات كثيرة وأثرت على الدول المتطورة وكذلك على الدول الأقل تطورا . نتوقف عند الميزات الأساسية للعولمة الاقتصادية ، ونفحص ما هي انعكاسات هذه العمليات على الدول المختلفة في المجال الاجتماعي – الاقتصادي . اتساع التجارة الدولية حصلت في عصر العولمة زيادة كبيرة على حجم التجارة الحرة * بين الدول . التجارة الحرة أصبحت ممكنة بفضل اتفاقيات التجارة التي توقع عليها الدول – اتفاقيات تمكن ، بل وتشجع التجارة الحرة بين الدول ، وفي الأساس بواسطة إزالة القيود على استيراد البضائع ( على سبيل المثال : تقليص أو حتى إلغاء الجمارك ) . مثال على هذا : الاتفاقيات التي وقعت بين دول الاتحاد الأوروبي ( " اتفاقيات السوق المشتركة " )، كذلك الاتفاقية التي وقعت بين دول أمريكا الشمالية – كندا ، الولايات المتحدة الأمريكية ، والمكسيك ( " اتفاقية نفطا " من سنة . ( 1994 أدت الزيادة في حجم التجارة الدولية إلى إغراق أسواق الدول المتطورة بمنتجات كثيرة مستوردة من رخيصة تنتج في حيث الدول المختلفة ، وبالذات بمنتجات الدول الأقل تطورا تكلفة الإنتاج المنخفضة . لزيادة الاستيراد الرخيص الذي يصل إلى الدول المتطورة تأثير أيضا على أسعار المنتجات المحلية في هذه الدول : ومن أجل الصمود أمام منافسة المنتجات المستوردة ، في كثير من الحالات ، يقوم التجار المحليون بخفض أسعار بضائعهم . هذا كله يؤثر على مستوى معيشة مواطني الدول المتطورة الذين يتمتعون بتشكيلة كبيرة من المنتجات التي كانت غالية في الماضي ، بينما أصبحت الآن رخيصة ومتوفرة . كما أن سكان الدول الأقل تطورا يستفيدون من توسيع التجارة ، إذ إن اقتصادهم يتطور في أعقابه . لكن الزيادة في حجم التجارة الدولية قد تسبب بعض المشاكل . إحدى المشاكل الرئيسية هي المس بالمنتجات التي تنتج في الدول المتطورة الذي يحدث بسبب التكلفة المتدنية للمنتجات المستوردة ، هذا يؤدي إلى استيراد منتجات معينة أرخص من المنتجة محليا . والنتيجة هي أن فروع الصناعة التقليدية تهجر ، والمصانع أو الورش المحلية تغلق مما يؤدي إلى " جيوب بطالة " - أي مناطق الكثير من سكانها عاطلون عن العمل – وبالذات في الضواحي ، أي الأماكن النائية من الدولة . في حالة عدم وجود حلول تشغيلية بديلة في المناطق التي أغلقت فيها المصانع ، تضعف مكانة المنطقة الاقتصادية والاجتماعية : المواطنون الفقراء يبقون فيها ويعانون من تدهور في وضعهم الاقتصادي – الاجتماعي ، والمواطنون الأغنياء ينتقلون إلى مناطق أخرى متطورة أكثر . بهذه الطريقة تتسع الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين مناطق الدولة المختلفة – بشكل عام هذه هي الفجوة القائمة بين منطقة المركز والمناطق النائية . مشكلة أخرى يمكن لاتساع التجارة الدولية أن يسببها هي تطور ظاهرة التعلق الاقتصادي للدول الفقيرة بالدول الغنية . ينتج عن هذا التعلق وضع فيه قد يلحق حدوث أزمة اقتصادية في إحدى الدول الرائدة في التجارة الدولية الضرر باقتصاد دول كثيرة أخرى ، وأن يؤثر سلبا على الوضع الاجتماعي – الاقتصادي لمواطني هذه الدول . * تجارة حرة : التجارة الدولية ( التصدير والاستيراد ) غير المحددة بكميات معينة أو بواسطة الجمارك ، أو أي عائق آخر يمنع الحركة الحرة للخدمات والبضائع بين الدول . التغيرات في حجم تصدير البضائع والخدمات في العالم ، 1948–2008
|