עמוד:73
دخلت قصر الحمراء وفي ذهني حشد من المعلومات عن ماضيه وحاضره ، فاخترت مدخله إلى باب العدل وهو مدخل تعلو منه قبة ضخمة برتقالية اللون مائلة إلى الحمرة ، وهو ذو أروقة تعصف بها الرياح . وباحة الريحان كبيرة واسعة يراوح طولها بين الثلاثين والأربعين مترا وعرضها في حدود العشرين مترا ، يبدو جمالها بحوضها المستطيل الذي يتوسطها وقد قامت حوله شجيرات الريحان ، وأول ما يلفت نظر الزائر هذه العقود العربية التي استندت إلى عمد مرمرية ما تزال بجمالها ورونقها بهجة للناظرين . وقد زخرفت العقود والمساحة التي تعلوها بالجبس المزخرف بفروع نباتية ، ويحيط بفروع الأبواب والنوافذ شريط من الفسيفساء ، وقاعة السفراء هي القاعة التي كان يستقبل فيها ملوك بني الأحمر سفراء الإفرنج ، أنشأها أبو الحجاج يوسف بن الأحمر . دخلنا فناءها متأملين وقد بهرتنا زخارفها وروعة نقوشها المذهبة التي تنقل الفن العربي بكل ما فيه من نقوش أو عقود أو كتابات عربية ازدانت بها الجدران والمداخل والسقوف ، كل شيء قد لعبت فيه يد الفن بمهارة عجيبة ودقة فريدة . تركنا قاعة السفراء إلى بهو السباع وهو الذي كثر الحديثُ عنه ، فما من زائر في الماضي أو الحاضر إلا خص هذا البهو بالكلام الكثير ... فالواقع ، أنه أعظم أبهاء قصر الحمراء ... يبلغ طوله مائة قدم وعرضه خمسين ، وحين يسير الزائر بين ممراته التي قامت على أكثر من مائة عمود مرمري يقف مشدوها بتناسقها الجميل وبعقودها المزخرفة البديعة .
|