עמוד:49

القراءةُ كانَأخي يوسف يكبُرُني بأربعِسنواتٍ، ويبدو لي، معَأصدقائِهِ، أنّهُينتمي إلى عالَمٍغيرِعالَمي – عالَمِالكبارِ . 1 ل يقولُكلمةًإلّوأفتحُأذنَيَّلسماعِها، فأشعرُأنّهُيُدْخِلُني إلى عالمِهِ . وهو أيضًا كانَيذهبُإلى المدرسةِ، ولكنَّهُيلازمُأقرانَهُفي السنِّ، أو مَن هم أكبرُمِنْهُ، ول أراهُأحيانًا بعدَخروجِهِصباحًا إلّعندَعودتِهِإلى الدارِ، وقد ل يعودُ حتّى المساءِ . وكانَلَهُ، فضلاًعن كتبِهِالعربيّةِ، كتابُإنجليزي، في كلِّصفحةٍمِنه صورةٌتخطيطيّةٌأو صورةٌمُلوّنةٌ . وكثيرًا 2 ما أجلسُبجانبِهِ، فيُطلعُني على الصورِ، ويتباهى بمقدرتِهِعلى قراءةِما تحتَها مِن كلماتٍإنجليزيّةٍلم يكنْ قد جاءَ دوري لتعلُّمِها . وجاءَني ذاتَمساءٍبصندوقٍمِنَالورقِالمقوّى، وقالَ : "أتدري ما هذا الصندوقُ؟ إنّهُصندوقُالدنيا، تعالَ، وتفرّجْ" . كانَفي الوسطِفتحةٌمستديرةٌجُعِلَفيها عدسةٌ [ 1 [ . وَضعْتُعيني مُكبِّرةٌكنّا نسمّيها "بنّورة" ( بلّورة ) اليمنى عليها وأغمضْتُاليسرى، وأخذَأخي يديرُمِن أعلى الصندوقِواحدًا مِن محورَينِجانبيَّينِ، بينهما يتحرّكُشريطٌوَرَقيٌّلُصِقَتْعليه صورٌمِن كلِّنوعٍ، وتتسلسلُالصورُفي الداخلِبدَوَرانِالمحورِأمامَ العدسةِ، وقد تكبّرَتْوتشوّهَتْواكتسبَتْفِتنةًغريبةً . سحرَني الصندوقُوتمنّيْتُلو يُبقيهِفي البيتِ تحتَيدي، ويسمحُلي بأخذِهِإلى أصدقائي للتفرّجِ عليهِ، غيرَ أنّهُ أخفاهُ عنّي، وعجزْتُ عنِ العثورِ عليهِ . في عصرِأحدِالأيّامِ، إذ كنّا أنا وعبدُه نلعبُفي ساحةِالمهدِ، رأيْنا صندوقَالدنيا الحقيقيَّ . كانَ صندوقًا خشبيًّا ضخمًا، أزرقَاللونِ، في وسطِهِثلاثُعدساتٍكبيرةٍ، يقيمُهُصاحبُهُعلى قاعدةٍمتنقّلةٍ، وقد زيّنَأعلاهُبمرايا وصورٍمُلوّنةٍلنساءٍوفرسانٍوخيولٍ، ويصيحُ : "تعال تفرّج يا سلام، على عجايب الزمان ! الفُرجة بتعريفة يا ولد ! تعال تفرّج يا سلام . . . " . وتحرّقْنا أنا وعبدُه للفرجةِ، ولكنْ مِن أينَ لنا "التعريفةُ" العزيزةُ؟ تجمّعَالصبيةُحولَالصندوقِ، وكلُّهم مثلُنا يُصغونَإلى صاحبِهِيتغنّى بكلامٍمسجوعٍ، ويتحسّرونَ . ثمّ جلسَآخرونَأمامَالعدساتِيتفرّجونَ، وبعدَهم جاءَغيرُهم . وبغتةًأخرجَصديقي مِن عُبّهِقطعةًمِنَالكعكِ بالسمسمِ، وقالَ لصاحبِ الصندوقِ : "أتفرِّجُنا أنا وصاحبي بهذي الكعكة؟" . أصلُ الكلمةِ "بنّورة" هو "بلّورة" مِنَ البِلّورِ، أيِ الزجاجِ . ويُستبدَلُ حرفُ اللامِ في اللفظِ العاميِّ بالنونِ لِكَوْنِ الحرفينِ حرفينِ ذلّقينِ . 1 صندوقُ الدنيا صندوقُ الدنيا، 1877 49

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר