עמוד:160

ابن دانيال ولد ابن دانيال في العراق عام 1238 م . درس الطب ثم رحل إلى مصر في التاسعة عشرة من عمره وتابع دراسته فيها . اتخذ له دك ّانا في القاهرة يكحل فيه عيون الناس ليعالجها ، فعرف بالحكيم شمس الدين . مضى يعرض للناس فصوله في خيال الظل ، وترك ابن دانيال ثلاثة نصوص ( بابات )، وهي : " طيف الخيال " ، " عجيب وغريب " و " المتيم " . اتسم أسلوبه بالسخرية والجمع بين التعبير الفصيح والمحكي ، عامدا إلى التورية 1 والجناس والمقابلة ، وضروب الصنعة اللفظية والمعنوية ، ليحقق بها شاعريته . كما مزج بين الأطر التقليدية الفصيحة وبين الأشكال الشعبية ، مطوعا المعاني والصور لصياغاته اللغوية . ذاع صيت ابن دانيال في مجال المخايلة ، وصار أرباب الدولة والأمراء يسعون للتعرف عليه ، وينعمون عليه بالهبات والعطايا ، وراحوا يدعونه إلى حفلاتهم ومجالس أسمارهم ، للترفيه عنهم بعروضه وأشعاره ، وظرفه وخفة ظله . انتشار خيال الظل بعد ابن دانيال ، كثر المخايلون وتطورت ألعابهم وفنونهم ، وطفقوا يجوبون القرى وأحياء المدن في موالد الأولياء والمناسبات الدينية والقومية . يقومون بالترفيه عن المدعوين في حفلات الزواج ، ويعرضون باباتهم ( تمثيلياتهم )، في المقاهي والأسواق . وظل المخايلون يغزون القصور ومسامر الأعيان ، في الريف والمدن على السواء ، وخاصة في ليالي رمضان وحفلات النذور . أفول خيال الظل بدأ ألق خيال الظل يخبو عندما انبثق فن آخر قادما من الغرب . فعندما اخترع الغربيون الصور المتحركة كثرت أماكن عرضها ، فأكب الناس عليها ، وهجروا أماكن الخيال . وبعدها ظهرت السينما التي حملت خيال الظل على الانسحاب من الميدان ، والانزواء في الدروب الشعبية ، ثم التقهقر نهائيا والاختفاء ، بعد أن كان خيال الظل عبر قرون طويلة منبعا للمرح والسرور . . 1 التورية : أن يطلق لفظ له معنيان : أحدهما قريب غير مراد ، والآخر بعيد مراد ، كقول حافظ إبراهيم يمازح أحمد شوقي : يقولون إن الشوق نار ولوعة فما بال شوقي أصبح اليوم باردا .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר