עמוד:76

فوقع في نفس الأسد كلام دمنة ، فقال : " فما الذي ترى إذن ، وبماذا تشير ؟" قال : " إن الضرس المأكول لا يزال صاحبه منه في ألم وأذى حتى يقلعه ، والعدو المخيف دواؤه قتله ، فلا يدخلن عليك شتربة إلا وأنت مستعد له ، وإياك أن تصيبه منك غرة أو غفلة ، فإني لا أحسب الملك حين يدخل عليك إلا ستعرف أنه قد هم بعظيمة ، ومن علامات ذلك أن ترى هيئته متغيرة ، وترى أوصاله 4 ترتعد ، وتراه ملتفتا يمينا وشمالا ، وتراه يصوب قرنيه فعل الذي هم بالنطاح والقتال " . قال الأسد : سأكون منه على حذر وإن رأيت منه ما يدل على ما ذكرت ، علمت أن ما في أمره شك " . فلما فرغ دمنة من تحريش الأسد على الثور ، انطلق فدخل على شتربة كالكئيب الحزين ، فلما رآه الثور رحب به وقال : " ما سبب انقطاعك عني ؟ فإني لم أرك منذ أيام ؛ أسلامة هو ؟" . قال دمنة : " ومتى كان من أهل السلامة من لا يملك نفسه ؟ وأمره بيد غيره ممن لا يوثق به ، ولا ينفك على خطر وخوف ، حتى ما من ساعة تمر ويأمن فيها على نفسه " . قال شتربة : " وما الذي حدث ؟" . قال دمنة : " من ذا الذي صحب السلطان فدام له منه الأمن والإحسان ؟ ! " قال شتربة : " إني أسمع منك كلاما يدل على أنه قد رابك 5 من الأسد رائب ، وهالك منه أمر " . قال دمنة : " أجل لقد رابني منه ذلك ، وليس في أمر نفسي " ، قال شتربة : " ففي نفس من رابك ؟" ، قال دمنة : " قد تعلم ما بيني وبينك ، وتعلم حقك علي وما كنت جعلت لك من العهد والميثاق ، أيام أرسلني الأسد إليك ، فلم أجد بدا من حفظك وإطلاعك على ما اطلعت عليه ، مما أخاف عليك منه " ، قال شتربة : " وما الذي بلغك ؟" ، قال دمنة : " حدثني الخبير الصدوق الذي لا مرية 6 في قوله أن الأسد قال لبعض أصحابه وجلسائه : " قد أعجبني سمن الثور وليس لي إلى حياته حاجة ، فأنا آكله ومطعم أصحابي من لحمه . فلما بلغني هذا القول ، وعرفت غدره وسوء عهده " أقبلت إليك لأقضي حقك وتحتال أنت لأمرك " . فلما سمع شتربة كلام دمنة وتذكر ما كان دمنة جعل له من العهد والميثاق ، وفكر في أمر الأسد ، ظن أن دمنة قد صدق ونصح له ، وأن الأمر شبيه بما قال دمنة ، فأهمه ذلك وقال : " ما كان للأسد أن يغدر بي ولم آت ذنبا إليه ، ولا إلى أحد من جنده منذ صحبته ، ولا أظن الأسد إلا قد حمل علي بالكذب وشبه عليه أمري ، فإن الأسد قد صحبه قوم سوء ، وجرب منهم الكذب وأمورا تصدق إذا بلغته عن غيرهم " . قال دمنة : " إن إرادة الأسد بك ليست من تحريش الأشرار ولا سكرة السلطان ، ولا غير ذلك ، ولكنها الغدر والفجور منه ، فإنه فاجر خوان غدار ، لطعامه حلاوة وآخره سم مميت ، فاذهب إلى الأسد فستعرف حين ينظر إليك ما يريد منك " . قال شتربة : " وكيف أعرف ذلك ؟" ، قال دمنة : " سترى الأسد حين تدخل عليه مقعيا على ذنبه ، رافعا صدره إليك ، مادا بصره نحوك ، قد صر أذنيه وفغر فاه واستوى للوثبة " . قال الثور : " إن رأيت هذه العلامات من الأسد عرفت صدقك في قولك " . . 4 مفاصل العظام ، مفردها : وصل . . 5 أثار شكوكك . . 6 شك عظيم .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר