עמוד:171

انتقل جوهان إلى منزل أخيه ، وحمل معه الشيء الذي أحبه أكثر من أي شيء آخر ، كمان والده . وكان الكمان داخل غطاء أخضر ، قامت أمه بغزله خصيصا لهذا الغرض . وكان الأخ كريستوف كريما مع أخيه الصغير . أرسله إلى المدرسة وكان يدربه على العزف . لكن الزوجة كانت تكره ضوضاء التدريب الموسيقي . لذلك ، كان مسموحا لجوهان بالعزف ساعة واحدة كل يوم . وفي بعض الأحيان ، كان يهرب إلى الغابة ومعه الكمان . كان لدى الأخ كريستوف مكتبة موسيقية ، يحفظها داخل دولاب مغلق . ويضع مفتاحها في جيبه ، وكان من النادر أن يطلع أخاه على هذه الكنوز الموسيقية . لكن ، ومع مرور الوقت ، ازداد شغف جوهان لمعرفة ما تحتويه هذه النوت الموسيقية المحفوظة في الدولاب . وفي إحدى الليالي ، وعندما كان الجميع نياما ، تسلل جوهان إلى الدولاب ، وبطريقة ما ، توصل إلى ما في داخله . سحب أحد الكتب وجلس على حافة النافذة ، وشرع بنسخ النوت الموسيقية على ضوء القمر ، فلم يكن يجرؤ على إشعال شمعة ، خوفا من إيقاظ أخيه أو زوجته . وبعد شهور من النسخ بدقة ، اكتشف الأخ كريستوف ما كان يفعله جوهان ، فأخذ منه كل النسخ التي كانت معه ، فقد تسببت في ضعف بصره ، وربما كان ذلك هو السبب في إصابته بالعمى في سن متأخرة . كان جوهان منذ صباه يفضل العمل والتعلم على المتعة وإضاعة الوقت . وظل في رعاية أخيه حتى سن الرابعة عشرة . وبعد وفاة أخيه ، حمل كمانه في غطائه الأخضر ، وذهب برفقة زميل دراسة إلى مدينة أخرى . فاجأ الصوت العذب للصبي جوهان ومقدرته الساحرة على العزف ، سكان المدينة . فأوكلوا إليه قيادة الكورس . وسددوا له مصاريف التعليم ، وسمحوا له بالنوم في غرفة الأرغن ، وفي بعض الأحيان ، كان يحصل على صحن حساء وقطعة خبز . في أحد أيام الإجازات ، أخذ كمانه وغادر إلى " هامبورج " ، لكي يستمع إلى عازف الأرغن الشهير " رينكين " . وكان أثناء السفر ينام في الهواء الطلق ، أو يعزف نظير وجبة . لكن حالما رأى عازفه المفضل يعزف ، شعر بعذابه يهون ، فقد كانت الموسيقا الرائعة تملأ القاعة . ويقال إن الصبي جوهان لفت نظر العازف الشهير ، فأخذ يعلمه بعض أسرار العزف . ثم عاد إلى المدينة بعد أن استقر عزمه على تكريس باقي عمره لموسيقا الأرغن . تمكن باخ من آلة الأرغن حيث عمل عازفا لها ، وكتب أعظم مؤلفاته لهذه الآلة . وكانت تحضر الجماهير من كل أنحاء ألمانيا ، خصيصا لحضور الاحتفالات الموسيقية ، وتعود لكي تخبر الباقين عن باخ وموسيقاه . وكان باخ على علم ودراية بآلة الأرغن وكيفية تصنيعها ، لذلك كان صانعو الأرغن من كل أنحاء ألمانيا ، يأتون إليه أيضا لأخذ رأيه وسماع ملاحظاته . ساهم " باخ " في تقدم الموسيقا الغربية . على سبيل المثال ، وظف باخ كل أصابع اليدين في العزف ، بدلا من أربعة أصابع من كل يد كما كان متبعا من قبل . وكانت جهود باخ موجهة إلى التأليف للأوركسترا . ألف الكونشيرتو والسوناتا والمتتابعات . كما ألف باخ موسيقا لآلة الهارب . ولما حلت محلها آلة البيانو ، كتب باخ موسيقا راقصة لهذه الآلة . بعد إنجازاته الموسيقية الرائعة أصبح باخ موسيقي البلاط ، لكنه لم ينس الموسيقي الشهير " رينكين " الذي كان قد قارب على المائة فزاره . وعندما استمع " رينكين " إلى عزف باخ ، انهمرت الدموع من عينيه ، وقال : " كنت أظن أن هذا الفن سوف يموت بموتي ، لكنك سوف تبقيه حيا " . عمل باخ مدرسا للموسيقا . واستمر في هذه الوظيفة 27 سنة ، إلى أن وافته المنية . كانت هذه السنوات تتسم بالإنتاج الوفير ، لكن الأجر كان قليلا . كان راتبه لا يزيد عن 5 دولارات في الشهر ، بالإضافة إلى أجر إضافي من الحفلات الموسيقية . ويشمل أيضا المسكن والحطب والقمح والشموع . كان هناك بالطبع منافسون لباخ ، لكنه حافظ على وظيفته بكل كرامة .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר