עמוד:28

الاستماع ذلك الولد التمهيد نص من أدب السيرة الذاتية . جاء ليلقي الضوء على محطة من محطات حياة الأديب الطيب صالح . اجتزئ النص من رواية " موسم الهجرة إلى الشمال " ، وتم اختياره في مجال تعزيز مهارة الاستماع . يعالج النص مرحلة الطفولة من حياة الطيب صالح ، ويبرز التحديات التي كان يتعين عليه اجتيازها في تلك المرحلة لبلوغ أهدافه . يتبع النص فعاليات وأسئلة ونشاطات تبعث في نفس التلاميذ المتعة والفائدة . ذلك الولد إنها قصة طويلة ... لكنني لن أدخل في تفاصيلها ، فبعض التفاصيل لن تهم كثيرا . ولدت في الخرطوم . نشأت يتيما ، فقد مات أبي قبل أن أولد ببضعة أشهر ، لكنه ترك لنا ما يستر الحال . كان يعمل في تجارة الجمال . لم يكن لي أخوة ، فلم تكن الحياة عسيرة علي وعلى أمي . لم يكن لنا أهل . كنا ، أنا وهي ، أهلا وعائلة لبعضنا . لم نكن نتحدث كثيرا ، وكنت أحس إحساسا دافئا بأنني حر ، وبأنه ليس ثمة مخلوق أب أو أم ، يربطني كالوتد إلى بقعة معينة ومحيط معين . كنت أقرأ وأنام ، أخرج وأدخل ، ألعب خارج البيت ، أتسكع في الشوارع ، ليس ثمة أحد يأمرني أو ينهاني . إلا أنني منذ صغري ، كنت أحس بأنني مختلف . أقصد أنني لست كبقية الأطفال في سني ، لا أتأثر بشيء ، لا أبكي إذا ضربت ، لا أفرح إذا أثنى علي المدرس في الفصل ، لا أتألم لما يتألم له الباقون . كنت مثل شيء مكور من المطاط ، تلقيه في الماء فلا يبتل ، ترميه على الأرض فيقفز . كان ذلك الوقت أول عهدنا بالمدارس ، أذكر الآن الناس وقد كانوا غير راغبين فيها . كانوا يظنونها شرا عظيما ... كنت ألعب مع الصبية خارج دارنا ، فجاء رجل على فرس ، في زي رسمي ووقف فوقنا . جرى الصبية ، وبقيت أنظر إلى الفرس وإلى الرجل فوقه . سألني عن اسمي فأخبرته . قال لي : كم عمرك . فقلت له : لا أدري . قال لي : هل تحب أن تتعلم في المدرسة ؟ قلت له : ما هي المدرسة ؟ فقال لي : بناء جميل من الحجر وسط حديقة كبيرة على شاطئ النيل . يدق الجرس وتدخل الفصل مع التلاميذ . تتعلم القراءة والكتابة والحساب . قلت للرجل : هل ألبس عمامة كهذه؟ وأشرت إلى شيء كالقبة فوق رأسه . فضحك الرجل وقال لي : هذه ليست عمامة . هذه قبعة . وترجل من على فرسه ووضعها فوق رأسي فغاب وجهي كله فيها ، ثم قال الرجل : حين تكبر ، وتخرج من المدرسة ، وتصير موظفا في الحكومة ، تلبس قبعة كهذه . قلت للرجل : أذهب للمدرسة .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר