עמוד:17

لكن الأمر الذي كان يفترض حدوثه ، هو أن تؤدي هذه السرعة إلى توفير الوقت ، وهذا ما لم يحدث ؛ ففي ظل تكاثر وسائل الاتصال السريعة ، والخدمات الإلكترونية ، استطعنا أن نشتري ونتجول ونقرأ ونتراسل عبر الإنترنت ، لكن هذا الزخم أوصلنا كذلك إلى استنفاد أوقاتنا في محاولة إدارة هذه المهام المتراكمة ، ليمسي الاختزال الوقتي الذي نعيشه بسبب السرعة " عجلات " تجرنا إلى حيث لا نشاء . ومن المشاهد المتكررة يوميا ، مشهد الأطفال والشبان الذين يحمل كل منهم جهازا ، وقد سلط عليه ذهنه وجميع حواسه ، ليندمج بما يشاهده ويسمعه من برامج ، يعرضها له هذا الجهاز على شاشته ، فإن كان عصر السرعة هذا قد منحنا الفراغ الحقيقي ، فهو أيضا سلبنا الوقت افتراضيا ، وقد يقضي الإنسان ساعات دون أن يعي أنه يحرق وقته دون طائل . في برنامج تلفزيوني ، تقول إحدى الشابات : " ولدت في عصر السرعة ، ولا أعرف ما كان قبله . أعرف السرعة فقط ، ولا أعرف البطء الذي عاشه الناس قبل عصرنا هذا ، فأنا لا أعرف صندوق البريد الذي توضع فيه رسالة مكتوبة على ورق داخل مظروف ، ثم ترسل إلى شخص ما ، لتصله بعد عدة أيام . فمنذ أن فتحت عيني ، وأنا أرسل بريدا إلكترونيا ويصل إلى صاحبه في لحظته . كما أني لم أعرف تسجيلات الكاسيت التي تحتفظ بها أمي ، والتي كانت ترسلها إلى أخوالي في بلاد الغربة ، لتسألهم عن أحوالهم ولتخبرهم عن حالها . فأنا منذ بداية إدراكي ، تفتحت عيناي على وسائل اتصال حديثة وسريعة ، تمكنني من التواصل مع أشخاص في الطرف الآخر من المعمورة ، في لحظات . لا وقت فراغ في يومياتي ، فبرنامجي اليومي بعد إنهائي عملي ، يبدأ بعودتي إلى منزلي وجلوسي أمام شاشة الكمبيوتر ، وتصفحي مواقع التواصل الاجتماعي ، وتواصلي مع أصدقائي عبر عدة وسائل حديثة ، بعضها بالصوت وبعضها بالصورة أو الفيديو . وإذا اعتبرت هذا وقت فراغ ، فحينها يمكنني القول إن وقت الفراغ هو الذي أكون فيه خارج إطار العمل ، لكني منشغلة

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר