עמוד:141

في معظم دول الرفاه ، بما فيها إسرائيل ، يسود في العقود الأخيرة توجه إلى الخصخصة . هناك دول تقوم بخصخصة واسعة ، وأخرى تقوم بخصخصة مقلصة . كلا الجانبين يتخبطان حول نفس القضايا في موضوع الخصخصة : أي الخدمات يجب أن تستمر الدولة في توفيرها لمواطنيها؟ وأي خدمات من المفضل أن يوفرها القطاع الخاص ؟ وعندما يقدمون على خصخصة خدمة معينة – هل يجب نقل كامل المسؤولية عن تزويدها إلى القطاع التجاري ، أم يجب نقل مسؤولية جزئية فقط؟ في هذا الفصل نتعرف على طرق الخصخصة المألوفة في الدول المختلفة بالنسبة للخدمات المختلفة ، والاعتبارات التي يجب على مقرري السياسة الأخذ بها عندما يتوجب عليهم اتخاذ قرار بشأن السؤال من يوفر خدمة معينة لمواطني الدولة – الحكومة أم القطاع الخاص ؟ من الصحافة الخصخصة ليست هي الهدف ، بل ما هي إلا وسيلة لزيادة نجاعة المجتمع وتحسين الخدمات للمواطنين – وإذا لم تحقق ( الخصخصة ) هذا الهدف فهي في أحسن الحالات ، لا لزوم لها ، وفي أسوأ الحالات ستضحي هدامة . جاي رولنيك ، " الجرارات الروسية تنطلق مسرعة " ، The Marker 8 تموز 2010 من يوفر لمواطني الدولة خدمات نوعية ( ذات جودة عالية ) ورخيصة؟ كما سبق وذكرنا ، أحد المبررات الأساسية لسياسة الخصخصة هو الادعاء بأن القطاع الخاص قادر على توفير خدمات بجودة أعلى وبتكاليف أقل من تلك التي يستطيع القطاع العام أن يوفرها . هل هذا الادعاء صحيح؟ هل يوفر القطاع التجاري خدمات نوعية أكثر وبتكلفة أقل دائما؟ هل القطاع العام لا يستطيع أن يكون ناجعا ونوعيا؟ الإجابات عن هذه الأسئلة مركبة وهي ليست جلية وجازمة . إليكم في هذا السياق عدة نقاط من المهم أن نفكر بها مليا : صحيح أن الهيئات العامة قد تكون معقدة ومترهلة ، وأقل مرونة من الهيئات التجارية ، لأسباب مختلفة . حقا اعترت الخدمات العامة في الماضي في دول مختلفة مشاكل كثيرة : الخدمات التي أعطيت كانت أحيانا أقل جودة وتكلفتها كانت عالية ، بسبب الإسراف وعدم النجاعة . ولكن ، على مر السنوات تطورت في القطاع العام أيضا طرق إدارة وعمل ناجعة ونوعية ، تطبق بعض أنماط العمل المتوفرة في عالم التجارة . حظيت هذه الطرق بالتسمية : الإدارة العامة الجديدة ( New Public -Management NPM ) وهي تركز على خدمة نوعية وعلى التجاوب مع احتياجات المواطن كزبون وإلخ . هناك ثمن لزيادة نجاعة خدمة معينة ، وخفض تكلفتها ، الأمر الذي تفعله هيئات تجارية بهدف منافسة هيئات أخرى : أحيانا من يدفع الثمن هو المواطن – المستهلك ( عندما يكون التوفير في التكلفة سببا في انخفاض جودة الخدمة )، وأحيانا يكون المتضررون هم عمال المزود ( عندما يكون التوفير على حساب تقليص رواتبهم أو إساءة ظروف عملهم )، وأحيانا يكون المتضررون هم المواطن – المستهلك وعمال المزود معا . من هنا يتبين أن المواطن لن يحصل من الهيئة التجارية دائما علىخدمة أفضل حتى وإن كانت الخدمة المزودة أكثر جودة ، فهي قد تنطوي على إساءة إلى مواطنين آخرين ألا وهم عمال المزود . في هذا السياق يجب أن نذكر أن القوة التي في أيدي العمال في القطاع الخاص ، أقل من القوة التي في يد العمال في القطاع العام . وهم ليسوا دائما منتظمين في نقابات مهنية تمثلهم وتكافح من أجل حقوقهم ، كما أن ظروف عملهم في كثير من الحالات سيئة . نقل المسؤولية لتوفير خدمات معينة من القطاع العام إلى القطاع الخاص يتطلب إشرافا من طرف الدولة . لكن ترتيب القواعد والإشراف على الالتزام بها ( التنظيم / الضبط ) يحتاج إلى موارد مالية وبشرية . في مثل هذه الحالة ربما كان بقاء تزويد الخدمات بيد الدولة نفسها أكثر توفيرا . حتى عندما يتم توفير خدمات معينة عن طريق القطاع التجاري لا تكون النتيجة دائما تنافسا حقيقيا يؤدي إلى تخفيض الأسعار . كلما صغرت السوق ، قل التنافس أيضا . إذا تأملنا ، على سبيل المثال ، سوق الهواتف الخليوية أو سوق البث التلفزيوني في إسرائيل ، وقارنا بين الأسعار والخدمات التي يقترحها المزودون المختلفون نجد أنه من الصعب القول إن هناك تنافسا حقيقيا يأتي في صالح المستهلك . من الصحافة ممرضة في مدرسة ، عاملة في شركة " نطالي " ( شركة خاصة ) والمسؤولة عن تطعيم التلاميذ وفحص نظرهم ، استلمت كتاب توبيخ شديد اللهجة لأنها لم تستطع إجراء عدد الفحوصات المحدد لها يوميا : 60 فحص نظر للتلاميذ و 30 ثانية لفتح ملف للتلميذ . [ ... ] ممرضة أخرى بدرجة عالية وتعمل في إطار صحة التلاميذ رأت كتاب التوبيخ وعلقت بقولها هذه الإدارة هي إدارة دكتاتورية . لا شخص يستطيع أن يستقبل في اليوم 60 تلميذا ويجري لهم فحصا مهنيا . فحص النظر للتلميذ الواحد يستغرق ثلاث – أربع دقائق ، ولكن ، إلى ذلك يجب إضافة شرح للتلميذ عن نتائج الفحص ، فنحن هنا لا نتحدث عن فحص آلة ، وبعد هذا كله وجب إعطاء كتاب شرح لأولياء الأمور . ميطال يسعور بيت أور ، " ممرضة مدرسة لم تفحص التلاميذ بسرعة – فوبخت " 18 ، ynet تشرين الثاني 2010 ? أي نقطة من النقاط المطروحة في هذه النافذة تتجسد في القطعة الصحفية أعلاه؟

מעלות הוצאת ספרים בע"מ


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר