עמוד:60

من وجهة النظر الاجتماعية – الديمقراطية إلى وجهة النظر النيوليبرالية توطيد وتعميق وجهة النظر الاجتماعية – الديمقراطية في ال 30 سنة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية – تبنت جميع الدول الصناعية في أوروبا وأمريكا وأستراليا فكرة دولة الرفاه . وجاء ذلك نتيجة للعوامل التالية : في خمسينات وستينات القرن ال 20 كان هناك نمو اقتصادي في هذه الدول . كانت وفرة اقتصادية مكنت هذه الدول من توفير خدمات اجتماعية وخدمات ضمان اجتماعي واسعة النطاق . حاولت السلطات في هذه الدول جاهدة تحاشي إمكانية عودة الضائقة الاقتصادية التي ميزت سنوات الانحطاط في العقد الذي سبق الحرب العالمية الثانية ، كما أنها أرادت أن تمنع تكرار التبعات السياسية السلبية التي رافقت الحرب . طمح واضعو السياسة إلى إنشاء مجتمعات عادلة توفر لمواطنيها العمل ومستوى المعيشة اللائق . امتازت المجتمعات في هذه الدول في العقود التي تلت الحرب بمشاعر التضامن والتكافل الاجتماعي المتبادلين . في هذه الفترة التي استمرت من أواخر الأربعينات وحتى منتصف السبعينات من القرن ال ، 20 ساد جو سياسي موات ( مشجع )، حتى أن القوى السياسية من اليمين الاقتصادي – الاجتماعي أيدت في غالبيتها سياسة الرفاه الموسعة . الإجماع السياسي الذي تبلور أدى إلى توسيع الخدمات العامة : برامج التربية والتعليم ، والصحة ، والإسكان ، والضمان الاجتماعي ، وخدمات الرعاية الاجتماعية – الشخصية والمجتمعية – كل هذه الخدمات تشعبت وازدادت أطرها وفروعها ، كما اتسعت الرقعة السكانية ، وتنوعت الشرائح التي قدمت لها هذه الخدمات . على سبيل المثال لا الحصر ، التأمين ضد تضرر الدخل من جراء حوادث العمل ، أو البطالة أو الشيخوخة؛ في بداية الثلاثينات ، حظي حوالي نصف السكان العاملين فقط بتأمينات ضد هذه المخاطر ، بينما سنة 1975 حظي % 90 من العاملين بمثل هذه التأمينات . الاعتقاد الذي ساد في تلك السنوات هو أن دولة الرفاه كفيلة بتأسيس القاعدة لمجتمع أكثر تكافؤ وعدلا ، وتتقلص ظاهرة الفقر . توسيع جهاز التربية والتعليم في جميع المراحل من التعليم ما قبل الابتدائي وحتى التعليم العالي فتح أمام جميع طبقات المجتمع أبواب التعليم ومكن جيل الشباب من أن يتقدم في السلم الاجتماعي . رافقت هذه الفترة توقعات أخذت تتزايد حتى أنه أطلق عليها " ثورة التوقعات المتزايدة " . إلا أنه لم تتحقق جميع هذه التوقعات ... زيادة الشكوك والخلافات في الرأي حول دولة الرفاه في أوائل سبعينات القرن العشرين حلت بالعالم الصناعي أزمة اقتصادية تمثلت بتناقص النمو الاقتصادي وتزايد عدد العاطلين عن العمل . بالإضافة إلى ذلك فإن الانخفاض المتواصل في عدد الولادات وارتفاع متوسط العمر أحدثا تغييرا ديموغرافيا كبيرا . ارتفعت نسبة السكان المسنين ارتفاعا حادا في حين تقلصت الأيدي العاملة . عدد الأشخاص الذين احتاجوا إلى خدمات الرفاه تزايد يوما بعد يوم ، ومصادر تمويل هذه الخدمات تقلصت . هناك من يسمون هذه العملية باسم " أزمة دولة الرفاه " . من ناحية أخرى بدأ الجو الاجتماعي يتغير تدريجيا : أخذ الجيل ما بعد الحرب يتناقص ويختفي ، أما الجيل الجديد فانعدم لديه الإحساس بوجود مصير مشترك بينه وبين المجموعات الأخرى ، الضعيفة ، من السكان . بالمقابل ، بدأت تظهر في هذه الفترة قوى وأفكار نيوليبرالية ، حظيت بالتأييد الجماهيري المتزايد . هذه العوامل مجتمعة سببت ضعف التضامن الاجتماعي تضعضع الإجماع السياسي على النهج الموسع لدولة الرفاه . أفكار علماء " الاقتصاد – وفلاسفة الفكر السياسي إن كانت صائبة أو خاطئة – أقوى بكثير مما نظن في العادة : إنهم ، هم الذين يحكمون العالم عمليا . جون ماينرد كينز ، عالم اقتصاد بريطاني ، 1883-1946 إعلان للتأمين الوطني الأمريكي نشر قبيل سن قانون التأمين الوطني الأمريكي

מעלות הוצאת ספרים בע"מ


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר