עמוד:121

نقرأ ذكرياتي بعد أن ختمت دراستي في الكتاب ، التحقت بمدرسة بلدنا الرسمية ، حيثُ أنهيت الصف الخامسالابتدائي ، ثمأعطاني والدي رسالةوبعضالجنيهات وأرسلنيإلىأقرباء لنافيالقدس ، كي ألتحق بمدرسة أو معهد لإعداد المعلمين؛ فوالدي ووالدتي وأخي الكبير كان همهم أن أصبح في مدرستنا الرسمية أستاذا محترما يرفع به الرأس عاليا بين الجيران والأقارب والأصهار . سكنت في القدس تحت كنف أقاربنا ، في غرفة هادئة ، أخرج منها في الصباح إلى المدرسة التي ألحقني بها الأقارب وأعود إليها بعد الدرس ، دون أن ألوي على شيء . مكثت في القدس أربع سنوات متواصلة ، لا يشغلني فيها أي شاغل عن الدرس والتحصيل ، سواء في أزمان الدرس ، أو أوقات العطل . كنت أنفق على الدراسة والطعام والكتب والدفاتر والثياب وأجرة الغرفة ، من مبالغ تصلني من الأهل ، مصحوبة بمرطبانات اللبنة والجبنة وقنينة الزيت الزيتوني ، وبعض الزعتر المعد بالسمسم والسماق والملح : " حبيبنا ! نحن تحت أمرك ، بس اتعلم وعد لنا أستاذا جاهزا . " علاماتي في جميع دروسي كانت جيدة ، إلا إن الجيد جدا والممتاز امتيازا ملفتا كان نصيبي دائما في مادة اللغة العربية ، وخصوصا ما يتصل منها بالنحو . وعلى يد معلمنا في النحو الأستاذ نبيل القاضي ، أحببت موضوع النحو . كان الأستاذ الفاضل يقول لنا : " في برامج النحو المدرسية نحن نبحثُ في مبادئه الأولية فقط . " وكان يشبه نفسه ونفوس طلابه بهواة السباحة ، يغطسون أقدامهم في مياه شواطى لا تكاد تطال الركبة ، من بحر اتساعه عظيم وقرارہ بعيد . كنت دائما متشوقا إلى الإصغاء إليه يشرح درسه المحكم في النحو مستشهدا في التمارين والتطبيقات بشواهد سيبويه المنتقاة . ووصف سيبويه أكثر من مرة بأنه " نبي النحو الأول . " ! لقد جعلني هذا الأستاذ الرائع ، أقبل على موضوع النحو كأنه قصة مشوقة . عدا برامج النحو المقررة ، شغفت بالتهام كل ما أقع عليه من مقالات في النحو ، أو أبحاث أو مجادلات فيه . أنا حين تركت القدس ، كنت بلغة الأهل : " أستاذا كاملا ، " وهذا أسعدني .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר