עמוד:111

الفصل السابع بائع الزنابق والورود كان يجلس على حافة ممشى الطريق الرئيس في المدينة الكبيرة . عصاه ذات الشعبتين فتحت ساقيها بشوكتين حادتين مستعدتين للدفاع عنه من كل هجوم . حملت على رأسها مخدة داكنة اللون ، مهترئة ، نكشت أحشاءها بشعر مشعث منفوش ، مستغيثة تستصرخ ضمائر الناس وتسألهم الحق والعدالة . اعتادت تلك العصا أن ترافق باسل في كل مكان يذهب إليه . تقبع بجانبه حين يجلس ، مخلصة له وأمينة على خدمته . لزمته ولم تتركه أبدا . كانت مستعدة لأن تستميت لأجل راحته ولتعويضه فاجع ساقه المبتورة . لقد جلست اليوم حداه تحرس له ساقه السليمة بعد أن لفها وخبأها تحت جسده النحيل . كان باسل يخاف عليها من أن تلحق بمصير أختها . اعتاد باسل أن يتأبط عكازه في صباح كل يوم ، متجها نحو المدينة الكبيرة . هي رفيقة دربه ، تعينه في مسيرته الطويلة الشاقة . يستند على مخدتها ناقلا ساقه السليمة خطوة إلى الأمام ، مرتفعا بنصف هيكله العظمي إلى أعلى ، هابطا عليها بنصفه الآخر المتدلي والمتأرجح بالهواء بلا ساق تسنده ، لينتقل بواسطتها خطوة أخرى . هكذا في كل صباح يقطع باسل طريقه إلى المدينة الكبيرة ناطا ومتأرجحا ، وتبقى ساقه السليمة تدب على قارعة الطريق ، لتعقبها عصاه تنغرز بمخلبيها أمامه على الأرض . مشية صعبة مليئة بالمعاناة . تقدمه بطيء وطويل ، خاصة في الطرق الترابية . وبلا هوادة أو كسل تنتهي مشيته النطاطة إلى أن يصل محطته المعتادة ، فيجلس هناك مقطوع النفس . يهبط كومة من عظام متعبا متألما . كثيرا ما كان يسلي نفسه بدندنة أغنية شعبيي كان قد حفظها في أيام طفولته الماضية . وأحيانا كثيرة كان يتحدث إلى عصاه ورفيقة دربه ليسري بها عن نفسه مداعبا إياها بقوله : كم يسعدني وجودك معي في رحلتي الطويلة هذه . ويسألها متابعا : ماذا تقولين؟ هل أنت سعيدة بمشوارنا؟ ويعدها بمفاجآت قائلا : انتظري إلى أن أصل بك إلى المدينة الكبيرة ... هناك سوف تشعرين بسعادة أكبر حين ترين ما أرى . ماذا؟ أتقولين بأنك تفضلين المناظر الطبيعية ، أشجار الزيتون والحقول الواسعة الخضرء ! ؟ يوافقها رأيها مؤكدا : نعم ، نعم ، وأنا أيضا أرغب بالستماع لزقزقة العصافير وتغريد البلابل . ولكننا نريد أن نعيش ، وعلي أن أعمل كي أكسب رزقي وتعيشي معي بالحلال سعيدة هانئة .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר