עמוד:83

83 المحورُ الثالثُ - التسميةُ عندَ العربِ 12 غالبًا، وبمرورِ الأيامِ، يصبحُ الاسمُ جزءًا مُهمًّا مِن كيانِ الإنسانِ وهويّتِهِ، فيشعرُ بالانتماءِ إليهِ والفخرِ بِهِ، ولعلَّ أكثرَ ما يثيرُ الإعجابَ ما كتَبتْهُ الأديبةُ مي زيادة في سيرةِ الشاعرةِ المصريّةِ عائشة التيموريّة، في عشقِها لاسمِها وتعلُّقِها بهِ . بتصرّفٍ عن : براء نزار زيان، " دعا العرب أولادهم حربًا وكلبًا وعاصية وسمّاهم النبيّ سِلما وجميلة وليلى . . . تعرف على قصّة الأسماء العربيّة" وبتصرّف عن : "طرق الشعوب في تسمية أبنائها" حبُّها لاسمِها 13 عائشةُ التيموريّةُ ( 1902 - 1840 ) ، يميزُّها شغفُها باسمِها، بل شغفُها بأسمائِها الثلاثة : عائشة، عصمت، تيمور . فإنّي لم أرَ في مطالعاتي كاتبًا يشبهُ عائشةَ مِن هذا الوجهِ، لا في الشرقِ ولا في الغربِ . شُغِفَتْ بكلِّ اسمٍ مِن أسمائِها الثلاثةِ ورضِيَتْ بها جميعًا في بيئتِها المعنويّةِ، فلم تنتحلِ اسمًا جديدًا وأحسنَتْ توزيعَها؛ إذ خصَّتْ شِعرَها العربيَّ باسمِ "عائشة" وشعرَها التركيَّ والفارسيَّ باسمِ "عصمت"، وخصّتْ اسمَ عائلتِها "تيمور" بنثرِها . 14 ولماذا هذا الشغفُ؟ لكأنّها متينةُ الشعورِ بالصلةِ بينَ المُسمّى واسمِها، أو كأنّها تذكرُ قولاً، وهو أنّ الاسمَ ينزلُ على صاحبِه منَ السماءِ ! أو كأنَّها تطرَبُ لهُ لأنّهُ اسمُها ليسَ غيرُ، وأنّهُ أوّلُ علاماتِها بينَ الناسِ ! جميلٌ معنى "عائشة"، وجميلٌ معنى "عصمت"، أمّا تيمور - فعلى عُهدَةِ مَن شرحَ لي وفسَّرَ - فلفظةٌ تركيّةٌ أصلُها في اللغةِ العاميّةِ "دَمير"، ومعناها الحديدُ الصلبُ الذي لم يُصقلْ بعدُ . على أنّنا قبلَ الانتباهِ لمعنى هذا الاسمِ نتأثّرُ بوَقْعِهِ المُرضي للسمعِ، وهو يمثِّلُ ( على ما يلوح لي ) مزيجًا مِن نبرةِ الأمرِ العسكر يِّ وأُبَّهَةٍ وقورةٍ رزينةٍ، تمسُّها كآبةٌ طفيفةٌ ووداعةٌ . وبعدُ، أيتَّسعُ معنى الاسمِ فتكونَ كلمةُ تيمور رمزًا إلى أنّ الطبيعةَ النسويّةَ المصريّةَ بدأَتْ تُصقلُ بعائشةَ؟ 15 لكنّها لم تأخذِ الاسمَ كما هو، بل أطلقَتْهُ على نفسِها بصيغةِ النسبةِ؛ فإذا بها التيموريّةُ، وفي هذه الأيامِ صارَتِ الألقابُ والنعوتُ طوفانًا يغمرُ الصالحَ والطالحَ على السواءِ . وجَمُلَ بنا أن نوجزَ في نعتِ الشاعرةِ المصريّةِ وأن نسمِّيَها، حينًا بعدَ حينٍ، بهذا الاسمِ الآخرِ الذي أحبّتْهُ ووضعَتْهُ في فمِ أشخاصٍ يستشهدونَ بأقوالِها، ويضربونِ بأشعارِها الأمثالَ "التيموريّةَ" . بتصرّفٍ عن : عائشة تيمور، سيرة غيريّة للكاتبة مي زيادة

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


לצפייה מיטבית ורציפה בכותר